21 ((باب عتق المشرك)) أي: هذا باب في بيان حكم عتق المشرك والمصدر مضاف إلى فاعله، والمفعول متروك، وقال بعضهم يحتمل أن يكون مضافا إلى الفاعل أو إلى المفعول، وعلى الثاني جرى ابن بطال، فقال: لا خلاف في جواز عتق المشرك تطوعا، وإنما اختلفوا في عتقه عن الكفارة. انتهى. قلت: الاحتمال الذي ذكره موجود، ولكن المراد الإضافة إلى الفاعل وإلا لا تقع المطابقة بين الحديث والترجمة. وقول ابن بطال: لا خلاف في جواز عتق المشرك تطوعا، لا يستلزم تعيين كون الإضافة إلى المفعول، ولو كان قصد هذا يرد لئلا تنخرم المطابقة.
8352 حدثنا عبيد بن إسماعيل قال حدثنا أبو أسامة عن هشام قال أخبرني أبي أن حكيم ابن حزام رضي الله تعالى عنه أعتق في الجاهلية مائة رقبة وحمل على بعير فلما أسلم حمل على مائة بعير وأعتق مائة رقبة قال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أرأيت أشياء كنت أصنعها في الجاهلية كنت أتحنث بها يعني أتبرر بها قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما سلف لك من خير.
مطابقته للترجمة ظاهرة كما نبهنا عليه الآن. وعبيد، بضم العين: ابن إسماعيل، واسمه في الأصل: عبد الله يعنى أبا محمد القرشي الكوفي وهو من أفراده. وأبو أسامة حماد بن أسامة. وهشام هو ابن عروة بن الزبير يروي عن أبيه عروة. وحكيم، بفتح الحاء المهملة وكسر الكاف: ابن حزام، بكسر الحاء المهملة وبالزاي المخففة: ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي، وهو ابن أخي خديجة بنت خويلد، وابن عم الزبير بن العوام، ولد في بطن الكعبة لأن أمه صفية وقيل: فاختة بنت زهير بن الحارث دخلت الكعبة في نسوة من قريش وهي حامل، فأخذها الطلق فولدت حكيما بها، وهو من مسلم الفتح، وعاش مائة وعشرين سنة، ستون سنة في الإسلام وستون سنة في الجاهلية، ومات سنة أربع وخمسين في أيام معاوية، وقد مضى بعض هذا الحديث في كتاب الزكاة في: باب من تصدق في الشرك ثم أسلم، وقد ذكرنا هناك تعدد موضعه وأن مسلما أخرجه. قوله: (إن حكيم بن حزام)، ظاهره الإرسال، لأن عروة لم يدرك زمن ذلك، لكن. قوله: (قال: فسألت) يوضح الوصل، لأن فاعل: قال، هو: حكيم، فكأن عروة قال: قال حكيم، فيكون بمنزلة قوله عن حكيم، والدليل على ذلك رواية مسلم فإنه أخرجه من طريق أبي معاوية عن هشام، فقال عن أبيه عن حكيم بن حزام. قوله: (حمل على مائة بعير)، أي: في الحج، لما روي: أنه حج في الإسلام ومعه مائة بدنة قد جللها بالحبرة، ووقف بمائة عبد، وفي أعناقهم أطواق الفضة فنحر وأعتق الجميع. قوله: (أرأيت؟) معناه: أخبرني. قوله: (أتحنث)، بالحاء المهملة. قوله: (يعني: أتبرر بها)، هذا تفسير الحنث، وهو بالباء الموحدة وبراءين: أولاهما ثقيلة أي: أطلب بها البر والإحسان إلى الناس، والتقرب إلى الله تعالى. والبر، بكسر الباء: الطاعة والعبادة، وهذا التفسير من هشام بن عروة دل عليه رواية مسلم حيث قال: عن حكيم بن حزام، قال: قلت: يا رسول الله! أشياء كنت أفعلها في الجاهلية، قال هشام: يعني: أتبرر بها، وهذا صريح أن الذي فسر بقوله، يعني: أتبرر بها، هو هشام بن عروة دون غيره من الرواة، ولا البخاري نفسه فافهم.
ومما يستفاد منه: أن عتق المشرك على وجه التطوع جائز لهذا الحديث حيث جعل عتق المائة رقبة في الجاهلية من فعال الخير المجازى بها عند الله المتقرب بها إليه بعد الإسلام، وهو قوله: (أسلمت على ما سلم لك من خير)، وليس المراد به صحة التقرب في حال الكفر، بل إذا أسلم ينتفع بذلك الخير الذي فعله في الكفر، ودل ذلك على أن مسلما لو أعتق كافرا لكان مأجورا على عتقه، لأن حكيما لما جعل له الأجر على ما فعل في الجاهلية بالإسلام الذي صار إليه فلم يكن المسلم الذي فعل مثل فعله في الإسلام بدون حال حكيم، بل هو أولى بالأجر، واختلف في عتق المشرك في كفارة اليمين، والظهار، فعندنا يجوز،