الناس فاقتتلوا، فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل، ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم، فأفاءهم عليه. وقال ابن سعد: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسارى فكتفوا، واستعمل عليهم بريدة بن الخصيب، وأمر بالغلام فجمعت واستعمل عليهم شقران مولاه، وجمع الذرية ناحية واستعمل على سهم الخمس وسهمان المسلمين محيمة بن جزء الزبيدي، وكانت الإبل ألفي بعير، والشياه خمسة آلاف، وكان السبي مائتي بنت، وغاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمانية وعشرين وقدم المدينة هلال رمضان، وقال ابن إسحاق: وأصيب بني المصطلق ناس، وقتل علي، رضي الله تعالى عنه، منهم رجلين مالكا وابنه، وكان شعار المسلمين يومئذ: يا منصور أمت أمت.
2452 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان عن محمد بن يحياى بن حبان عن ابن محيريز قال رأيت أبا سعيد رضي الله تعالى عنه فسألته فقال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب فاشتهينا النساء فاشتدت علينا العزبة وأحببنا العزل فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة.
.
مطابقته للترجمة في قوله فيها: وجامع، يعني: بعد أن ملك من العرب سبيا وربيعة، بفتح الراء: المشهور بربيعة الرأي شيخ مالك، و محمد بن يحيى بن حبان، بفتح الحاء وتشديد الباء الموحدة وبالنون: مر في الوضوء، و ابن محيريز هو عبد الله بن محيريز، بضم الميم وفتح الحاء المهملة وسكون التحتانية وكسر الراء وسكون التحتانية أيضا وفي آخره زاي. ومر الحديث في كتاب البيوع في: باب بيع الرقيق، فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن أبي محيريز: أن أبا سعيد... إلى آخره، وقد مر الكلام فيه هناك.
قوله: (العزل)، هو نزع الذكر من الفرج عند الإنزال. قوله: (ما عليكم أن لا تفعلوا) يعني: لا بأس عليكم إذا تركتم العزل. قوله: (نسمة)، بفتح السين، وهي: الإنسان، أي: ما من نفس كائنة في علم الله إلا وهي كائنة في الخارج، لا بد من مجيئها من العدم إلى الوجود، أي: ما قدر الله أن يكون البتة. وفي الحديث دليل على أن الصحابة أطبقوا على وطء ما وقع في سهمانهم من السبي، وهذا لا يكون إلا بعد الاستبراء بإجماع العلماء، من وهذا يدل أن السباء يقطع العصمة بين الزوجين الكافرين.
واختلف السلف في حكم وطء الوثنيات والمجوسيات إذا سبين، فأجازه سعيد بن المسيب وعطاء وطاووس ومجاهد، وهذا قول شاذ لم يلتفت إليه أحد من العلماء، واتفق أئمة الفتوى على أنه: لا يجوز وطء الوثنيات بقوله تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * (البقرة: 122). وإنما أباح الله تعالى وطء نساء أهل الكتاب خاصة. بقوله: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) * (المائدة: 5). وإنما أطبق الصحابة على وطء سبايا العرب بعد إسلامهن، لأن سبي هوازن كان سنة ثمان، وسبي بني المصطلق سنة ست، وسورة البقرة من أول ما نزل بالمدينة، فقد علموا قوله تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * (البقرة: 122). وتقرر عندهم أنه لا يجوز وطء الوثنيات البتة حتى يسلمن، وروى عبد الرزاق: حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا يونس ابن عبيد أنه سمع الحسن يقول: كنا نغزو مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أصاب أحدهم جارية من الفىء فأراد أن يصيبها أمرها فاغتسلت ثم علمها الإسلام وأمرها بالصلاة واستبرأها بحيضة، ثم أصابها. وعموم قوله تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * (البقرة: 122). يقتضي تحريم وطء المجوسيات بالتزويج وبملك اليمين، وعلى هذا أئمة الفتوى وعامة العلماء.
وأما العزل فقد اختلف فيه قديما وإباحته أظهر في الحديث عند الشافعي، سواء كانت حرة أو أمة مع الإذن وبدونه، وروى مالك عن سعيد بن أبي وقاص وأبي أيوب الأنصاري وزيد بن ثابت وابن عباس: أنهم كانوا يعزلون، وروي ذلك أيضا عن ابن مسعود وجابر، وذكر مالك أيضا عن ابن عمر أنه: كره العزل، وقيل: روي عن علي، رضي الله تعالى عنه، القولان جميعا، واحتج من كره العزل بأنه: الوأد الخفي، كما روي عن عائشة، واتفق أئمة الفتوى على جواز العزل عن الحرة إذا أذنت فيه لزوجها.
واختلفوا في الأمة المزوجة، فقال مالك وأبو حنيفة: الأذن في ذلك لمولاها، وقال أبو يوسف: الإذن إليها،