إلى تضعيف حديث سمرة هذا، واستنكره ابن المديني، ورجح الترمذي إرساله، وقال البخاري: لا يصح. وقال أبو داود: وتفرد به حماد، وكان يشك في وصله، وغيره يرويه عن قتادة عن الحسن. قوله: وعن قتادة عن عمر قوله: منقطعا، أخرج ذلك النسائي. قلت: ما وجه دلالة هذه الترجمة على ضعف هذا الحديث؟ فما هذه الدلالة؟ هل هي لفظية أو عقلية؟ والحديث أخرجه الحاكم في (المستدرك) من طريق أحمد بن حنبل عن حماد بن سلمة عن عاصم الأحول وقتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا، وسكت عنه، ثم أخرجه عن ضمرة بن ربيعة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا: (من ملك ذا رحم فهو حر). وقال: هذا حديث حسن صحيح على شرط الشيخين، والمحفوط: عن سمرة بن جندب، وصححه أيضا ابن حزم وابن القطان، وقال ابن حزم: هذا خبر صحيح تقوم به الحجة كل من رواته ثقات. انتهى. ولئن سلمنا ما قالوا، فما يقلون في حديث ضمرة ابن ربيعة عن سفيان الثوري وهذا فيه الكفاية في الاحتجاج؟ فإن قلت: قالوا: تفرد به ضمرة. قلت: ليس انفراده به دليلا على أنه غير محفوظ ولا يوجب ذلك علة فيه، لأنه من الثقات المأمونين لم يكن بالشام رجل يشبهه، كذا قال أحمد بن حنبل. وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونا لم يكن هناك أفضل منه، وقال ابن يونس: كان فقيه أهل فلسطين في زمانه. والحديث إذا انفرد به مثل هذا كان صحيحا، ولا يضره تفرده.
وقال أنس قال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: فأديت نفسي وفاديت عقيلا هذا التعليق جزء من حديث مضى في كتاب الصلاة في: باب القسمة، وتعليق القنو في المسجد. أخرجه هناك فقال: قال إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس، قال: أتي النبي، صلى الله عليه وسلم، بمال من البحرين... الحديث، وفيه: جاءه العباس فقال: يا رسول الله! أعطني، فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا... إلى آخره. وأخرجه البيهقي موصولا، فقال: أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن عصام حدثنا حفص بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن طهمان... إلى آخره وعباس عم النبي، صلى الله عليه وسلم، لما أسر في وقعة بدر فأدى نفسه بمائة أوقية من ذهب، قاله ابن إسحاق، وقال ابن كثير في (تفسيره): وهذه المائة عن نفسه وعن بني أخيه عقيل ونوفل، وروى هشام بن الكلبي عن أبيه عن ابن عباس، قال: قال: فدى العباس نفسه بأربعة آلاف درهم، وكانوا يأخذون من كل واحد من الأسرى أربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أضعفوها على العباس، فقال: تركتني فقيرا ما عشت أسأل الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأين المال الذي تركته عند أم الفضل)، وذكره فقال: يا ابن أخي من أعلمك؟ فوالله ما كان عندنا ثالث. فقال: (أخبرني الله)، فقال أشهد أنك لصادق وما علمت أنك رسول الله قبل اليوم، وأسلم وأمر ابني إخيه، فأسلما. قال ابن عباس: وفيه نزل: * (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى أن يعلم الله في قلوبكم) * (الأنفال: 07). الآية، وقال ابن إسحاق: عن يزيد بن رومان عن عروة عن الزهري عن جماعة، سماهم. قالوا: بعثت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أسرائهم، ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا، وقال العباس: يا رسول الله قد كنت مسلما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول فالله يجزيك، وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك وابني أخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب، وحليفك عتبة بن عمرو أخي بني الحارث بن فهر) قال: ما ذاك عندي يا رسول الله! قال: (فإين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل؟ قال: فقلت لها: إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم) قال: والله إني لأعلم أنك رسول الله إن هذا شيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل، فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، ذاك شيء أعطانا الله منك، ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه، فأنزل الله عز وجل فيه: * (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى...) * (الأنفال: 07). الآية قال العباس: فأعطاني الله مكان العشرين أوقية في الإسلام عشرين عبدا، كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله، عز وجل.
واختلفوا في الذي أسر العباس، فقيل: ملك من الملائكة، وقيل: أسره أبو اليسر كعب بن عمرو وأخو بني سلمة الأنصاري وكان العباس جسيما وأبو اليسر مجموعا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف أسرت العباس؟) فقال: أعانني عليه رجل ما رأيته قط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعانك عليه ملك كريم). وقيل