وقال آخرون: لا يجوز، روى ذلك عن زيد بن ثابت، وابن عمر، وهو قول الشعبي وسعيد بن المسيب وابن أبي ليلى والنخعي، وبه قال مالك والثوري والليث والأوزاعي والكوفيون: لا يباع في دين ولا في غيره إلا في دين قبل التدبير، ويباع بعد الموت إذا أغرقه الدين، وكان التدبير قبل الدين أو بعده، وعن أبي حنيفة: لا يباع في الدين، ولكن يستسعى للغرماء، فإذا أدى ما لهم عتق، وقال ابن التين: ولم يختلف قول مالك وأصحابه: أن من دبر عبده ولا دين عليه أنه لا يجوز بيعه ولا هبته ولا نقض تدبيره ما دام حيا، خلافا للشافعي. وفي (التوضيح) يخرج المدبر بعد موت سيده من ثلثه. وقال داود: يخرج من جميع المال، فإن لم يحمله الثلث رق ما لم يحمله الثلث منه. وقال أبو حنيفة: يسعى في فكاك رقبته، فإن مات سيده وعليه دين سعى للغرماء، ويخرج حيا.
01 ((باب بيع الولاء وهبته)) أي: هذا باب في بيان حكم بيع الولاء وهبته: هل يجوز أم لا؟ وحديث الباب يدل على أنه لا يجوز، والولاء بفتح الواو، وبالمد هو حق إرث المعتق من العتيق، وهذا يسمى: ولاء العتاقة، وسببه العتق لا الإعتاق، لأنه إذا ورث قريبه يعتق عليه، ويكون ولاؤه له ولو كان سببه الإعتاق لما ثبت له الولاء، لأنه لم يوجد الإعتاق.
5352 حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته.
(الحديث 5352 طرفه في: 6576).
مطابقته للترجمة من حيث إنه يبين الإبهام الذي فيها. وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي. والحديث أخرجه مسلم في العتق عن محمد بن المثنى. وأخرجه أبو داود في الفرائض عن حفص بن عمر. وأخرجه النسائي عن محمد بن عبد الملك قوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، إلى آخره يعني ولاء العتق وهو ما إذا مات المعتق ورثه معتقه أو ورثة معتقه. وكانت العرب تبيعه وتهبه، فنهى عنه الشارع لأن الولاء كالنسب، فلا يزول بالإزالة. وفقهاء الحجاز والعراق مجمعون على أنه: لا يجوز بيع الولاء ولا هبته، وقال ابن المنذر. وفيه قول ثان: روى أن ميمونة بنت الحارث وهبت ولاء مواليها من العباس، وأن عروة ابتاع ولاء طهمان لورثة مصعب بن الزبير، وذكر عبد الرزاق عن عطاء أنه: يجوز للسيد أن يأذن لعبده أن يوالي من شاء، وهذا هو هبة الولاء، وصح من حديث ابن عمر مرفوعا: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يورث، صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وخالفه البيهقي فأعله، وذكره ابن بطال من حديث إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: الولاء لحمة كالنسب، وأورده ابن التين بزيادة، بلفظ: لا يحل بيعه ولا هبته، ثم قال: وعليه جماهير أهل العلم، وقام الإجماع على أنه: لا يجوز تحويل النسب، وقد نسخ الله تعالى المواريث بالتبني بقوله: * (ادعوهم لآبائهم) * إلى قوله: * (ومواليكم) * (الأحزاب: 5). ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من انتسب إلى غير أبيه، فكان حكم الولاء كحكم النسب في ذلك، فكما لا يجوز بيع النسب ولا هبته، كذلك الولاء، ولا نقله ولا تحويله، وإنه للمعتق كما قال صلى الله عليه وسلم.
6352 حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت اشتريت بريرة فاشترط أهلها ولاءها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أعتقيها فإن الولاء لمن أعطى الورق فأعتقتها فدعاها النبي صلى الله عليه وسلم فخيرها من زوجها فقالت لو أعطاني كذا وكذا ما ثبت عنده فاختارت نفسها.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن الولاء لمن أعطى الورق) فهذا يدل على أن الولاء لا ينقل، فإذا لم يجز نقله لا يجوز بيعه ولا هبته.
والحديث مضى في كتاب البيوع في: باب البيع والشراء مع النساء أخرجه من رواية الزهري عن عروة عن عائشة ومن رواية نافع عن ابن عمر: أن عائشة ساومت، وفي: باب، إذا اشترط شروطا في البيع لا يحل، من رواية