بطال: من أراد أن يحرم بالحج والعمرة وساق معه هديا لا يقلده إلا من ميقات، وكذلك يستحب له أيضا أن لا يحرم إلا من ذلك الميقات، على ما عمل به النبي صلى الله عليه وسلم، هذا في الحديبية، وفي حجته أيضا، وكذلك من أراد أن يبعث بهدي إلى البيت ولم يرد الحج والعمرة وأقام في بلده فإنه يجوز له أن يقلده وأن يشعر في بلده، ثم يبعث به كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، إذ بعث بهديه مع أبي بكر، رضي الله تعالى عنه، سنة تسع ولم يوجب ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم إحراما ولا تجردا من ثياب ولا غير ذلك، وعلى هذا جماعة أئمة الفتوى: مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وردوا قول ابن عباس، فإنه كان يرى أن من بعث بهدي إلى الكعبة لزمه، إذا قلده، الإحرام، ويجتنب كل ما يجتنب الحاج حتى ينحر هديه. وتابع ابن عباس، على ذلك ابن ابن عمر، رضي الله تعالى عنه، على خلاف عنه، وسعيد بن جبير ومجاهد. قال أبو عمر: وقيس بن سعد بن عبادة، وسعيد بن المسيب على اختلاف عنه، وميمون بن شبيب، ويروى مثل ذلك في أثر مرفوع عن جابر، رضي الله تعالى عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، رواه أسد بن موسى عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة عن عبد الملك بن جابر عنه، وابن أبي لبيبة شيخ ليس ممن يحتج به فيما ينفرد به، فكيف فيما خالفه فيه من هو أثبت منه؟ ولكنه قد عمل بحديثه بعض الصحابة. وقال أبو عمر: ولا يختلف العلماء أن هدي كل من كان ميقاته ذا الحليفة أنه ليس له أن يؤخر إحرامه إلى الجحفة، وإنما يؤخر إحرامه إلى الجحفة المغربي والشامي. وفي (التلويح): وتابع ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، أيضا الشعبي والنخعي وأبو الشعثاء ومجاهد والحسن بن أبي الحسن، ذكره في (المصنف) وحكاه أيضا عن عمر وعلي وابن سيرين، رضي الله تعالى عنهم، وبه قال عطاء، وقال مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن ربيعة بن الهدير: رأى رجلا متجردا بالعراق، فسأل عنه فقالوا: أمر بهديه أن يقلد، فلذلك تجرد، فذكر ذلك لابن الزبير، فقال: بدعة ورب الكعبة. وقال الطحاوي: لا يجوز عندنا أن يكون حلف ابن الزبير على ذلك إلا أنه قد علم أن السنة على خلافه. والله أعلم.
6961 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا أفلح عن القاسم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت فتلت قلائد بدن النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها وأشعرها وأهداها فما حرم عليه شيء كان أحل له.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (قم قلدها وأشعرها)، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأفلح بن حميد مولى الأنصار، والقاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، يروي عن عمته عائشة رضي الله تعالى عنها.
وأخرجه البخاري أيضا في الحج عن القعنبي. وأخرجه مسلم وأبو داود جميعا فيه عن القعنبي. وأخرجه النسائي فيه عن أحمد بن الحارث وعن عمرو بن علي. وأخرجه ابن ماجة فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة.
قوله: (بدن النبي صلى الله عليه وسلم)، بضم الباء الموحدة وسكون الدال: جمع بدنة. قوله: (فما حرم عليه شيء) ويروى: (وما حرم)، بالواو، يعني الذي حرم عليه شيء كان أحل له قبل ذلك، أراد به محظورات الإحرام.
وفيه: من الأحكام: تقليد الهدي وإشعارها. ومنه: مباشرة التقليد والإشعار بيده وهو أفضل من الاستنابة كذبح الأضحية، واختلف مالك ابن شهاب في المرأة فقال ابن شهاب: تلي ذلك بنفسها، وأنكره مالك، وقال: لا تفعل ذلك إلا أن لا تجد من يلي ذلك، لأنه لا يفعله إلا من ينحره.
701 ((باب فتل القلائد للبدن والبقر)) أي: هذا باب في بيان فتل القلائد لأجل التعليق على البدن، وهو جمع قلادة. قوله: (والبقر) أي: وللبقر.
7961 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن ابن عمر عن حفصة رضي الله تعالى عنهم قالت قلت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحلل أنت قال إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أحل من الحج.
.