عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٣٩
مضى هذا الحديث في: باب التمتع والإقران فإنه أخرجه هناك عن إسماعيل عن مالك عن نافع، وعن عبد الله بن يوسف عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم... إلى آخره، وقد مضى الكلام فيه هناك. قيل: وليس في هذا الحديث ذكر البقر، فلا مطابقة بينه وبين الترجمة. قلت: لفظ الهدي يتناول الإبل والبقر جميعا، لأنه صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أهداهما جميعا. وقال الكرماني: كيف دل الحديث على الترجمة؟ ثم أجاب بأن التقليد لابد له من الفتل، وتبعه بعضهم على ذلك، فقال: مناسبته للترجمة من جهة أن التقليد يستلزم تقدم الفتل عليه. قلت: هذا غير مسلم، لأن القلادة أعم من أن تكون من شيء يفتل ومن شيء لا يفتل.
8961 حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا الليث قال حدثنا ابن شهاب عن عروة وعن عمرة بنت عبد الرحمان أن عائشة رضي الله تعالى عنهما قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي من المدينة فأفتل قلائد ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاله قد تكرر ذكرهم.
وأخرجه مسلم في الحج أيضا عن يحيى بن يحيى وقتيبة ومحمد بن رمح. وأخرجه أبو داود فيه عن قتيبة ويزيد بن خالد، وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة. وأخرجه ابن ماجة فيه عن محمد بن رمح كلهم عن ليث عن الزهري عن عروة وعمرة، كلاهما عن عائشة به.
قوله: (وعن عمرة) عطف على عروة، وابن شهاب روى هذا الحديث عن عروة بن الزبير وعن عمرة بنت عبد الرحمن جميعا، كلاهما عن عائشة. قوله: (ثم لا يجتنب) أي النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (مما يجتنبه المحرم)، ويروى: (مما يجتنب المحرم) معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالهدي ولا يحرم، فلهذا لا يجتنب عن محظورات الإحرام. وقد بوب مسلم على هذا الحديث حيث قال: باب البعث بالهدي وتقليده من غير أن يحرم.
وقال النووي: وفيه: دليل على استحباب بعث الهدي إلى الحرم وأن من لم يذهب إليه يستحب له بعثه مع غيره وفيه: أن من بعث هديه لا يصير محرما ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم، وهو مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا رواية حكيت عن ابن عباس وابن عمر وعطاء وسعيد ابن جبير، رضي الله تعالى عنهم وحكاه الخطابي أيضا عن أهل الرأي أنه إذا فعل ذلك لزمه اجتناب ما يجتنبه المحرم، ولا يصير محرما من غير نية الإحرام، والصحيح ما قاله الجمهور، ولهذه الأحاديث الصحيحة.
801 ((باب إشعار البدن)) أي: هذا باب في بيان إشعار البدن وحكم الإشعار قد علم مما تقدمه من الأبواب، وإنما ذكر هذا الباب مع أن فيه حديثين أحدهما معلق وقد ذكرهما فيما قبل لأجل اختلاف سنده، ولبعض التفاوت في المتون، يظهر لك عند الوقوف عليه.
وقال عروة عن المسور رضي الله تعالى عنه قلد النبي صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة مطابقته للترجمة في قوله: وأشعره، وعلقه عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة، وأخرجه موصولا عن قريب في: باب من أشعر وقلده بذي الحليفة.
9961 حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت فتلت قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم ثم أشعرها وقلدها أو قلدتها ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حل.
.
قد ذكر هذا الحديث في: باب من أشعر وقلد بذي الحليفة، فإنه أخرجه هناك: عن أبي نعيم عن أفلح، وههنا: عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن أفلح إلى آخره. قوله: (أو قلدتها) شك من الراوي. وفيه جواز الاستنابة في التقليد. قوله: (وأقام بالمدينة)
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»