الخثعمية وقع بعد رمي جمرة العقبة، فحضره ابن عباس فنقله تارة عن أخيه لكونه صاحب القصة، وتارة عما شاهده، ويؤيد ذلك ما وقع عند الترمذي وأحمد وابنه عبد الله والطبري من حديث علي، رضي الله تعالى عنه، مما يدل على أن السؤال المذكور وقع عند النحر بعد الفراغ من الرمي، وأن العباس كان شاهدا، ولفظ أحمد من طريق عبيد الله بن أبي رافع، (عن علي، قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، فقال: هذه عرفة وهو الموقف...) فذكر الحديث، وفيه: (ثم أتى الجمرة فرماها، ثم أتى المنحر، فقال: هذا المنحر وكل منى منحر، واستفتته). وفي رواية عبد الله: (ثم جاءته جارية شابة من خثعم فقالت: إن أبي شيخ كبير قد أدركته فريضة الله في الحج، أفيجزىء أن أحج عنه؟ قال: حجي عن أبيك. قال: ولوى عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول الله! لويت عنق ابن عمك! قال: رأيت شابا وشابة. فلم آمن عليهما الشيطان). وظاهر هذا أن العباس كان حاضرا لذلك، فلا مانع أن يكون ابنه عبد الله أيضا كان معه. قوله: (حجة الوداع) وفي رواية شعيب التي تأتي في الاستئذان: يوم النحر، وفي رواية النسائي من طريق ابن عيينة عن ابن شهاب: (غداة جمع). قوله: (شيخا كبيرا) نصب على الاختصاص، وقال الطيبي: شيخا حال، وفيه نظر. قوله: (لا يستطيع)، يجوز أن يكون صفة له، ويجوز أن يكون حالا. قوله: (يقضي) أي: يجزئ أو يكفي أو ينفذ.
ذكر ما يستفاد منه فيه: جواز النيابة عن العاجز، قال أصحابنا: من قدر على الحج ببدنه لم يجز له أن يحج عنه غيره، ولو عجز عنه عجزا لا يزول مثل: الزمانة والعمى جاز أن يحج عنه غيره، وإن كان يزول: كالمرض والحبس، فإن استمر إلى الموت يجزيه ويلزمه حجة الإسلام. وفيه: بر الوالدين بالقيام بمصالحهما من قضاء دين وحج وخدمة وغير ذلك. وفيه: جواز حج المرأة عن الرجل. وفيه: جواز استفتاء المرأة من أهل العلم عند الحاجة. وفيه: الترغيب إلى الرحلة لطلب العلم. فافهم. والله أعلم.
42 ((باب حج المرأة عن الرجل)) أي: هذا باب في بيان جواز حج المرأة عن الرجل، وفيه خلاف ذكرناه عن قريب.
5581 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت إن فريضة الله أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم وذالك في حجة الوداع.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (أفأحج عنه؟ قال: نعم) وهو يخبر بجواز حج المرأة عن الرجل.
قوله: (كان الفضل) وهو ابن عباس، وهو أخو عبد الله، وكان أكبر ولد العباس، وبه كان يكنى، وكان شقيق عبد الله، وأمهما أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية، مات في طاعون عمواس بناحية الأردن سنة ثماني عشرة من الهجرة في خلافة عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، قوله: (رديف النبي صلى الله عليه وسلم) وزاد شعيب في رواية: (على عجز راحلته). قوله: (من خثعم)، بفتح الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة: قبيلة مشهورة. قوله: (فجعل الفضل ينظر إليها)، وفي رواية شعيب: (وكان الفضل رجلا وضيئا). أي: جميلا. (وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة، فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها. قوله: (يصرف وجه الفضل)، وفي رواية شعيب: (فالتفت النبي، صلى الله عليه وسلم، والفضل ينظر إليها فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها). ووقع في رواية الطبري، في حديث علي: (وكان الفضل غلاما جميلا، فإذا جاءت الجارية من هذا الشرق صرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه الفضل إلى الشق الآخر، فإذا جاءت إلى