عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢١٣
اسم المرأة، ولكن روى ابن وهب عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه أن غاثية أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي ماتت وعليها نذر أن تمشي إلى الكعبة، فقال: إقضي عنها. أخرجه ابن منده في حرف الغين المعجمة من الصحابيات، وجزم ابن طاهر في المبهمات بأنه اسم لجهينة المذكورة في حديث الباب، وقال الذهبي في حرف الغين المعجمة: غايثة، وقيل: غاثية سألت عن نذر أمها، أرسله عطاء الخراساني، ولا يثبت. وغاثية بالثاء المثلثة بعد الألف وبعدها الياء آخر الحروف، وقيل: بتقديم الياء آخر الحروف على الثاء المثلثة، وروى النسائي: أخبرنا عمران بن موسى بصري، قال: حدثنا عبد الوارث وهو ابن سعيد، قال: حدثنا أبو التياح واسمه: يزيد بن حميد بصري، قال: حدثني موسى بن سلمة الهزلي أن ابن عباس قال: أمرت امرأة سنان ابن سلمة الجهني أن يسأل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن أمها ماتت ولم تحج أفيجزىء عن أمها أن تحج عنها؟ قال: نعم لو كان على أمها دين فقضته عنها لم يكن يجزئ عنها؟ فلتحج عن أمها).
أخبرني عثمان بن عبد الله بن خورزاد أنطاكي، قال: حدثنا علي بن حكيم الأزدري، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن الزهري عن سليمان بن يسار، (عن ابن عباس: أن امرأة سألت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن أبيها مات ولم يحج فقال: حجي عن أبيك...). أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا سفيان وهو ابن عيينة عن الزهري عن سليمان بن يسار (عن ابن عباس: أن امرأة من خثعم سألت النبي، صلى الله عليه وسلم، غداة جمع، فقالت: يا رسول الله! فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستمسك على الرحل، أحج عنه؟ قال: نعم). فإن قلت: هل يصلح أن يفسر بما رواه النسائي من هذه الأحاديث المبهم الذي في حديث الباب؟ قلت: لا يصلح، لأن في حديث الباب أن المرأة سألت بنفسها، وفي حديث النسائي من طريق عمران بن موسى أن غيرها سأل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من جهتها، وأما السؤال في الحديثين الآخرين فعن مطلق الحج وليس فيهما التصريح بأن الحجة المسؤول عنها كانت نذرا، فإن قلت: روى ابن ماجة من طريق محمد بن كريب عن أبيه (عن ابن عباس، عن سنان بن عبد الله الجهني أن عمته حدثته أنها أتت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي توفيت وعليها مشي إلى الكعبة نذرا...) الحديث. قلت: إن صح هذا فيحمل على واقعتين بأن تكون امرأته سألت على لسانه عن حجة أمها المفروضة، وبأن تكون عمته سألت بنفسها عن حجة أمها المنذورة، وتفسر من في حديث الباب بأنها عمة سنان واسمها: غاثية، كما ذكرنا.
قوله: (إن أمي نذرت أن تحج) هكذا وقع في هذا الباب بالطريق المذكور، ووقع في النذور من طريق شعبة عن أبي بشر بلفظ: (أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: إن أختي نذرت أن تحج وأنها ماتت...) الحديث، فيحمل على أن يكون كل من الأخ سأل عن أخته، والبنت سؤلت عن أمها. قيل: إن هذا اضطراب يعلل به الحديث، ورد بأنه محمول على أن المرأة سألت عن كل من الصوم والحج. قوله: (أفأحج عنها؟) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار. قوله: (قال: نعم)، أي: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: نعم حجي عنها، أي: عن الأم. قوله: (أرأيت) بكسر التاء، أي: أخبريني. قوله: (قاضية)، على وزن فاعلة، وهو رواية الكشميهني، ويروى: (قاضيته)، بالضمير في آخره أي: قاضية الدين، وهو رواية الأكثرين. قوله: (اقضوا الله) أي: اقضوا حق الله، فالله أحق بوفاء حقه من غيره.
ذكر ما يستفاد منه فيه: جواز حج المرأة عن أمها لأجل الحجة التي عليها بطريق النذر، وكذا يجوز حج الرجل عن المرأة والعكس أيضا. ولا خلاف فيه إلا للحسن بن صالح، فإنه قال: لا يجوز، وعبارة ابن التين الكراهة فقط، وهو غفلة، وخروج عن ظاهر السنة، كما قال ابن المنذر، لأنه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تحج عن أمها وهو عمدة من أجاز الحج عن غيره. وقالت طائفة: لا يحج أحد عن أحد، روي هذا عن ابن عمر والقاسم والنخعي، وقال مالك والليث: لا يحج أحد عن أحد إلا عن ميت لم يحج حجة الإسلام ولا ينوب عن فرضه، فإن أوصى الميت بذلك فعند مالك وأبي حنيفة يخرج من ثلثه، وهو قول النخعي، وعند الشافعي: من رأس ماله، وفي (التوضيح): وفيه أن الحجة لواجبة من رأس المال، كالدين، وإن لم يوص. وهو قول ابن عباس وأبي هريرة وعطاء وطاووس وابن سيرين ومكحول وسعيد بن المسيب والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وأبي ثور. قلت: مذهب
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»