الحوامل من النوق، الواحدة: خلفة. قوله: (قال جرير)، هو جرير بن حازم المذكور في السند. قوله: (فحزرت)، بتقديم الزاي على الراء، أي: قدرت ستة أذرع، وقد ورد ذلك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم في الطريق الثاني، في حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها، والله أعلم.
34 ((باب فضل الحرم)) أي: هذا باب في بيان فضل الحرم، أي: حرم مكة، وهو ما أحاطها من جوانبها، جعل الله حكمه في الحرمة تشريفا لها، وحده من المدينة على ثلاثة أميال، ومن اليمن والعراق على سبعة، ومن الجدة على عشرة. وقال الأزرقي: حد الحرم من طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت تعار على ثلاثة أميال من مكة، ومن طريق اليمن طرف أضاة على سبعة أميال من مكة، ومن طريق الطائف إلى بطن بيرة على أحد عشر ميلا، ومن طريق العراق، إلى ثنية رحل عشرة أميال، ومن طريق جعرانة في شعب آل عبد الله بن خالد بن أسيد على خمسة أميال، ومن طريق جدة منقطع الأعناس، ومن الطائف سبعة أميال عند طرف عرنة، ومن بطن عرنة أحد عشر ميلا. وقيل: إن الخليل، عليه الصلاة والسلام، لما وضع الحجر الأسود في الركن أضاء منه نور وصلى إلى أماكن الحدود، فجاءت الشياطين فوقفت عند الأعلام، فبناها الخليل، عليه الصلاة والسلام، حاجزا. رواه مجاهد عن ابن عباس، وعنه أن جبريل، عليه الصلاة والسلام، أرى إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، موضع أنصاب الحرم، فنصبها ثم جددها إسماعيل، عليه الصلاة والسلام، ثم جددها قصي بن كلاب، ثم جددها سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما ولي عمر، رضي الله تعالى عنه، بعث أربعة من قريش فنصبوا أنصاب الحرم. وقال ابن الجوزي في (المنتظم): وأما حدود الحرم: فأول من وضعها إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، وكان جبريل يريه، ثم لم يجدد حتى كان قصي فجددها، ثم قلعتها قريش في زمان نبينا صلى الله عليه وسلم، فجاء جبريل، عليه الصلاة والسلام، فقال: إنهم سيعيدونها، فرأى رجال منهم في المنام قائلا يقول: حرم أكرمكم الله به نزعتم أنصابه؟ الآن تختطفكم العرب، فأعادوها. فقال جبريل عليه الصلاة والسلام: قد أعادوها. فقال: قد أصابوا. قال: ما وضعوا منها نصبا إلا بيد ملك، ثم بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عام الفتح تميم بن أسد فجددها، ثم جددها عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، ثم جددها معاوية، رضي الله تعالى عنه، ثم جددها عبد الملك بن مروان. فإن قلت: ما السبب في بعد بعض الحدود وقرب بعضها منه؟ قلت: إن الله عز وجل، لما أهبط على آدم، عليه الصلاة والسلام، بيتا من ياقوتة، أضاء له ما بين المشرق والمغرب، فنفرت الجن والشياطين، وأقبلوا ينظرون، فجاءت ملائكة فوقفوا مكان الحرم إلى موضع انتهاء نوره، وكان آدم، عليه الصلاة والسلام، يطوف به ويأنس به.
ونفسر الألفاظ التي وقعت هنا، فنقول: تعار، بكسر التاء المثناة من فوق وتخفيف العين المهملة وبعد الألف راء: وهو جبل من جبال أبلى، على وزن: فعلى، بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة على طريق الآخذ من مكة إلى المدينة على بطن نخل، وتعار جبل لا ينبت شيئا، وقال كثير:
* أجيبك ما دمت بنجد وشيخه * وما ثبتت إبلي به وتعار * والتنعيم على لفظ المصدر من: نعمته تنعيما، وهو بين مر وسرف، بينه وبين مكة فرسخان، ومن التنعيم يحرم من أراد العمرة. وسمي التنعيم لأن الجبل عن يمينه يقال له: نعيم، والذي عن يساره يقال له: ناعم، والوادي نعمان. ومر، بفتح الميم وتشديد الراء: مضاف إلى الظهران، بالظاء المعجمة المفتوحة، بينه وبين البيت ستة عشر ميلا، وسرف، بفتح السين المهملة وكسر الراء، وفي آخره فاء، وقال البكري: بسكون الراء، وهو ماء على ستة أميال من مكة، وهنا أعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بميمونة مرجعه من مكة حتى قضى نسكه، وهناك ماتت ميمونة، رضي الله تعالى عنها، لأنها اعتلت بمكة. فقالت: أخرجوني من مكة، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أني لا أموت بها، فحملوها حتى أتوا بها سرفا إلى الشجرة التي بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها موضع القبة فماتت هناك، سنة ثمان وثلاثين، وهناك عند قبرها سقاية، وروى الزهري أن عمر، رضي الله تعالى عنه، حمى السرف والربذة، هكذا أورد في الحديث: السرف، بالألف واللام، ذكره البخاري. والأضاة، بفتح الهمزة والضاد المعجمة، قال الجوهري: