النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح من كداء من أعلى مكة أكثر ما يدخل من كداء وكان أقربهما إلى منزله.
.
هذا موقوف على عروة، وقد اختلف على هشام بن عروة في وصل هذا الحديث وإرساله، وذكر البخاري الوجهين منبها على أن رواية الإرسال لا تقدح في رواية الوصل لأن الذي وصله حافط، وهو سفيان بن عيينة، وقد تابعه ثقتان: عمرو وحاتم المذكوران، وعبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي البصري، وهو من أفراد البخاري، وحاتم، بالحاء المهملة وبالتاء المثناة من فوق المكسورة: ابن إسماعيل أبو إسماعيل الكوفي، سكن المدينة، وقد مر في: باب استعمال فضل الوضوء. قوله: (من كداء)، بالفتح والمد في الموضعين، وقال النووي: وأكثر دخول عروة من كداء، بالفتح والمد.
1851 حدثنا موسى قال حدثنا وهيب قال حدثنا هشام عن أبيه دخل النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح من كداء وكان عروة يدخل منهما كليهما وأكثر ما يدخل من كداء أقربهما إلي منزله.
.
هذا طريق آخر من مراسيل عروة يرويه البخاري عن موسى بن إسماعيل المنقري عن وهيب، بضم الواو: ابن خالد عن هشام عن أبيه عروة بن الزبير. قوله: (من كداء)، بالفتح والمد. قوله: (منهما) أي: كداء بالفتح، وكدا بالضم. قوله: (كليهما) وفي بعض النسخ، كلاهما بالألف، وهو على مذهب من يجعلهما في الأحوال الثلاث على صورة واحدة. قوله: (أقربهما) بجر الأقرب إما بيان أو بدل.
قال أبو عبيد الله كداء وكدا موضعان أبو عبد الله هو البخاري، فسر كدا وكدي بقوله: موضعان، وهذا تفسير لا يفيد شيئا لأنهما علما مما مضى أنهما موضعان، وهذا لم يقع إلا في رواية المستملي وحده، وتركها أجدر على ما لا يخفى، والله أعلم.
24 ((باب فضل مكة وبنيانها)) أي: هذا باب في بيان فضل مكة، شرفها الله وفي بنيانها. فإن قلت: ليس في أحاديث الباب ذكر لبيان بنيان مكة، فلم لم يقتصر على قوله: باب فضل مكة؟ قلت: لما كان بنيان الكعبة سببا لبنيان مكة وعمارتها اكتفى به.
ولكنهم اختلفوا في أول من بنى الكعبة، فقيل: أول من بناها آدم، عليه السلام، ذكره ابن إسحاق: وقيل: أول من بناها شيث. عليه السلام، وكانت قبل أن يبنيها خيمة من ياقوتة حمراء يطوف بها آدم صلى الله عليه وسلم ويأنس بها، لأنها أنزلت إليه من الجنة. وقيل: أول من بناها الملائكة، وذلك لما قالوا: * (أتجعل فيها من يفسد فيها) * (البقرة: 03). الآية، خافوا وطافوا بالعرش سبعا يسترضون الله ويتضرعون إليه، فأمرهم الله تعالى أن يبنوا البيت المعمور في السماء السابعة، وأن يجعلوا طوافهم له لكونه أهون من طواف العرش ثم أمرهم أن يبنوا في كل سماء بيتا، وفي كل أرض بيتا. قال مجاهد: هي أربعة عشر بيتا. وروي أن الملائكة حين أسست الكعبة انشقت الأرض إلى منتهاها، وقذفت منها حجارة أمثال الإبل، فتلك القواعد من البيت التي وضع عليها إبراهيم وإسماعيل، عليهما الصلاة والسلام، البيت، فلما جاء الطوفان رفعت وأودع الحجر الأسود أبا قبيس، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء وسعيد بن المسيب: أن آدم بناه من خمسة أجبل: من حراء وطور سيناء، وطور زيتا وجبل لبنان والجودي، وهذا غريب، وروى البيهقي في بناء الكعبة في (دلائل النبوة) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا: بعث الله جبريل إلى آدم وحواء، عليهما السلام، فأمرهما ببناء الكعبة، فبناه آدم عليه السلام، ثم أمر بالطواف به. وقيل له: أنت أول الناس، وهذا أول بيت يوضع للناس. وقال ابن كثير: إنه كما ترى من مفردات ابن لهيعة، وهي ضعيف والأشبه أن يكون هذا موقوفا على عبد الله بن عمرو، ويكون من الزاملتين اللتين أصابهما يوم اليرموك من كلام أهل الكتاب.
وقوله تعالى: * (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى