عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢٠٩
مطابقته للترجمة من حيث إنه جواب للسؤال الذي فيها.
ذكر رجاله: وهم: خمسة، والكل قد ذكروا، وإبراهيم بن المنذر أبو إسحاق الحزامي المديني من أفراده، ومعن، بفتح الميم وسكون العين المهملة: ابن عيسى بن يحيى أبو يحيى القزاز، بالقاف وتشديد الزاي الأولى: المدني.
قوله: (من الثنية العليا) يعني: يدخل مكة من الثنية العليا التي ينزل منها إلى المعلى، مقبرة أهل مكة، يقال لها: كداء، بالفتح والمد، ويخرج من الثنية السفلى وهي التي أسفل مكة عند باب شبيكة، يقال لها: كدى، بضم الكاف مقصور، بقرب شعب الشاميين وشعب ابن الزبير عند قعيقعان. وقال ابن المواز: كدى التي دخل منها صلى الله عليه وسلم هي العقبة الصغرى التي بأعلى مكة التي يهبط منها على الأبطح، والمقبرة منها على يسارك، وكذا التي خرج منها هي العقبة الوسطى التي بأسفل مكة، وعند أبي ذر: القصر في الأول مع الضم، وفي الثاني: الفتح مع المد، عن عروة، من حديث عبد الوهاب: أكثر ما يدخل من كدى، مضموم مقصور للأصيلي والحموي وأبي الهيثم، ومفتوح مقصور للقابسي والمستملي، ومن حديث أبي موسى: دخل من كدى، مقصور مضموم، وعند محمد دخل من كدى، وخرج من كدى، كذا لكافتهم، وللمستملي عكس ذلك، وهو أشهر. وعند مسلم دخل يوم الفتح من كداء من أعلاها، بالمد للرواة إلا السمرقندي، فعنده: كدى، بالضم والقصر، وقال القرطبي اختلف في ضبط هاتين الكلمتين والإكثر منهم على أن العليا بالفتح والمد والسفلى بالضم والقصر وقيل بالعكس، والحكمة في الدخول من العليا والخروج من السفلى أن نداء أبينا إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، كان من جهة العلو، وأيضا فالعلو تناسب للمكان العالي الذي قصده، والسفلى تناسب لمكانه الذي يذهب إليه. وقيل: ءن من جاء من هذه الجهة كان مستقبلا للبيت، وقيل: لأنه صلى الله عليه وسلم لما كان خرج مختفيا من العليا أراد أن يدخلها ظاهرا، وقيل: ليتبرك به كل من في طريقته ويدعو لهم، وقيل: ليغيظ المنافقين بظهور الدين وعز الإسلام، وقيل: ليري السعة في ذلك. وقيل: فعله تفاؤلا بتغير الأحوال إلى أكمل منه، كما فعل في العيد، وليشهد له الطريقان.
14 ((باب من أين يخرج من مكة)) أي: هذا باب فيه جواب من يسأل ويقول: من أين يخرج الخارج من مكة؟
6751 حدثني مسدد بن مسرهد البصري قال حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء وخرج من الثنية السفلى.
(انظر الحديث 5751).
مطابقته للترجمة من الوجه الذي ذكرناه في الباب السابق، ويحيى هو القطان، وعبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم ابن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه.
والحديث أخرجه مسلم في الحج أيضا عن زهير بن حرب ومحمد بن المثنى. وأخرجه أبو داود فيه عن أحمد بن حنبل ومسدد. وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن علي.
قوله: (من كداء)، بفتح الكاف والمد. قوله: (وخرج من الثنية)، بفتح الثاء المثلثة وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف، وكل عقبة في جبل أو طريق عال فيه تسمى ثنية.
قال أبو عبد الله كان يقال هو مسدد كاسمه قال أبو عبد الله سمعت يحيى بن معين يقول سمعت يحيى بن سعيد يقول لو أن مسددا أتيته في بيته فحدثته لاستحق ذالك وما أبالي كتبي كانت عندي أو عند مسدد أبو عبد الله هو البخاري نفسه، وأشار بكلامه هذا إلى المبالغة في توثيق مسدد بن مسرهد حيث قال: هو مسدد أي: محكم من التسديد، وهو الإحكام، ومنه السداد وهو القصد في الأمر والعدل فيه، والسداد الاستقامة أيضا، ومنه المسدد، وهو لازم الطريق المستقيمة، واشتقاق السد أيضا منه لأنه البناء المحكم القوي، ولم يكتف بتوثيقه إياه بنفسه حتى نقل عن يحيى بن معين
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»