عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢٠٨
مكة وعند الرواح إلى عرفة. قال: ولو تركه تارك من عذر لم أر شيئا. وأوجبه أهل الظاهر فرضا على من يريد الإحرام، والأمة على خلافهم، وروي عن الحسن أنه إذا نسي الغسل للإحرام يغتسل إذا ذكر، واختلف فيه عن عطاء، فقال مرة: يكفي منه الوضوء، وقال مرة غير ذاك، والغسل لدخول مكة ليس لكونها محرما، وإنما هو لحرمة مكة حتى يستحب لمن كان حلالا أيضا، وقد اغتسل لها، صلى الله عليه وسلم، عام الفتح وكان حلالا، أفاد ذلك الشافعي، رضي الله تعالى عنه في (الأم). فإن قلت: لم أمسك ابن عمر، رضي الله تعالى عنه عن التلبية من أول الحرم وكان محرما بالحج. قلت: تأول أنه قد بلغ إلى الموضع الذي دعى إليه، ورأى أن يكبر الله ويعظمه ويسبحه إذا سقط عنه معنى التلبية بالبلوغ، وكره مالك، رضي الله تعالى عنه، التلبية حول البيت. وقال ابن عيينة: ما رأيت أحدا يقتدي به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب، وروي عن سالم أنه كان يلبي في طوافه، وبه قال ربيعة وأحمد وإسحاق، وكل واسع. وقال ابن حبيب: إذا اغتسل المحرم لدخولها يغسل جسده دون رأسه، وحكى محمد عن مالك أن المحرم لا يتدلك في غسل دخول مكة ولا الوقوف بعرفة، ولا يغسل رأسه إلا بالماء وحده يصبه صبا ولا يغيب رأسه في الماء.
93 ((باب دخول مكة نهارا أو ليلا)) أي: هذا باب في بيان مشروعية دخول مكة في النهار أو في الليل.
بات النبي صلى الله عليه وسلم بذي طوى حتى أصبح ثم دخل مكة. وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يفعله هذا متن حديث ابن عمر، يذكره الآن، وقد ترك سنده أولا ثم رواه بسنده، وهو قوله.
4751 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى ا عن عبيد الله قال حدثني نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال بات النبي صلى الله عليه وسلم بذي طوى حتى أصبح ثم دخل مكة وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يفعله.
يحيى هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وقد مر الكلام فيه مستقصى في: باب الإهلال مستقبل القبلة. وقال الكرماني: فإن قلت: هذا صريح في أنه دخل نهارا، وذكر في الترجمة أنه دخل ليلا أيضا؟ قلت: كلمة: ثم، للتراخي فهو أعم من أن يدخلها نهار تلك الليلة أو ليلته التي بعدها. قلت: هذا لا يروي الغليل ولا يشفي العليل، لأن دخوله، مكة ليلا لم يعلم إلا عمرة الجعرانة، وهو أنه، صلى الله عليه وسلم، أحرم منها ودخل مكة ليلا، فقضى أمر العمرة ثم رجع ليلا، فأصبح بالجعرانة كبائت. وقال النسائي: دخول مكة ليلا: أخبرني عمران بن يزيد الدمشقي عن شعيب يعني ابن إسحاق قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني مزاحم بن أبي مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبي أن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج ليلا من الجعرانة حتى أمسى معتمرا فأصبح بالجعرانة كبائت، حتى إذا زالت الشمس خرج عن الجعرانة في بطن سرف حتى جامع الطريق، طريق المدينة من سرف، ولما ورد في الحديث الدخول نهارا وليلا جميعا، ذكرهما في الترجمة، وذكر حديث الدخول نهارا لكونه على شرطه، وسكت عن حديث الدخول ليلا لعدم كونه على شرطه، ونبه بذكره ليلا على ذلك، ويمكن أن يقال: إن ذكر، ليلا، وقع منه اتفاقا لا قصدا.
04 ((باب من أين يدخل مكة)) أي: هذا باب فيه جواب من يسأل ويقول: من أين يدخل المحرم مكة؟ وكلمة: أين، للاستفهام عن المكان. فإن قلت: أين زيد؟ معناه: في الدار، أو: في السوق؟
5751 حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثني معن قال حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل مكة من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى.
(الحديث 5751 طرفه في: 6751).
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»