يستفاد منه: أن قوله، صلى الله عليه وسلم: هذا من باب قطع الذريعة لئلا يعبد قبره الجهال، كما فعلت اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم، وكره مالك المسجد على القبور، وإذا بني مسجد على مقبرة دائرة ليصلى فيه فلا بأس به، وكره مالك الدفن في المسجد.
26 ((باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها)) أي: هذا باب في بيان الصلاة على النفساء إذا ماتت في مدة نفاسها، والنفساء: بضم النون وفتح الفاء: المرأة الحديثة العهد بالولادة، وهي صيغة مفردة على غير القياس، وقال أبو علي في كتابه (الممدود والمقصور): يعني، بفتح النون لغة في نفساء، بالضم وهي ثلاث لغات يقال: امرأة نفساء وهي الفصيحة الجيدة، ونفساء ونفساء وهي أفلها وأردؤها.
1331 حدثنا مسدد قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا حسين قال حدثنا عبد الله بن بريدة عن سمرة رضي الله تعالى عنه. قال صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها وسطها.
(أنظر الحديث 233 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة، ومضى الحديث في أول كتاب الغسل في: باب الصلاة على النفساء وسنتها، فإنه أخرجه هناك: عن أحمد بن أبي سريح عن شبابة عن شعبة عن حسين المعلم عن ابن بريدة عن سمرة بن جندب: (أن امرأة ماتت في بطن فصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقام وسطها). وقد مضى الكلام فيه هناك، ويزيد بن زريع قد مر غير مرة، ويزيد من الزيادة، وزريع مصغر الزرع، وحسين هو ابن ذكوان المعلم، وبريدة، بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف. قوله: (وسطها)، بسكون السين: يتناول العجيزة أيضا لأنه أعم من الوسط بالتحريك، وفي (التوضيح): بسكون السين هو الصواب، وقيده بعضهم بالفتح أيضا، وكون هذه المرأة في نفاسها وصف غير معتبر اتفاقا وإنما هو حكاية أمر وقع.
وأما وصف كونها امرأة فهل هو معتبر أم لا؟ من الفقهاء من ألغاه، وقال: يقام عند وسط الجنازة مطلقا، ذكرا كان أو أنثى، ومنهم من خص ذلك بالمرأة محاولة للستر. وقيل: كان قبل اتخاذ الأنعشة والقباب.
وأما الرجل فعند رأسه لئلا ينظر إلى فرجه، وهو مذهب الشافعي وأحمد وأبي يوسف، والمشهور من الروايات عن أصحابنا في الأصل وغيره: أن يقوم من الرجل والمرأة حذاء الصدر، وعن الحسن بحذاء الوسط منهما. وقال مالك: يقوم من الرجل عند وسطه ومن المرآة عند منكبيها، وقال أبو علي الطبري، من الشافعية: يقوم الإمام عند صدره واختاره إمام الحرمين والغزالي وقطع به السرخسي. قال الصيدلاني: وهو اختيار أئمتنا. وقال الماوردي: قال أصحابنا البصريون: يقوم عند صدره، وهو قول الثوري. وقال البغداديون: عند رأسه، وقالوا: ليس في ذلك نص، وممن قاله المحاملي وصاحب (الحاوي) والقاضي حسين وإمام الحرمين، وروى حرب عن أحمد كقول أبي حنيفة، وذكر عن الحسن التوسعة في ذلك، وبها قال أشهب وابن شعبان.
والخنثى كالمرأة.
والإجماع قائم على أنه لا يقوم ملاصقا للجنازة، وأنه لا بد من فرجة بينهما، وفي الحديث إثبات الصلاة على النفساء، وإن كانت شهيدة وعن الحسن أنه لا يصلي عليها بموت من زنا ولا ولدها، وقال قتادة: في ولدها.
36 ((باب أين يقوم من المرأة والرجل)) أي: هذا باب يذكر فيه أين يقوم المصلي على الميت من المرأة والرجل؟ فإن قلت: ليس في حديث الباب بيان موضع قيام الرجل، فلم ذكره في الترجمة. قلت: قال الكرماني: للإشعار بأنه لم يجد حديثا بشرطه في ذلك، وأما لقياس الرجل على المرأة إذا لم يقل أحد بالفرق بينهما، وفيه نظر أما في الأول فلأنه لما لم يجد حديثا في ذلك بشرطه لم يكن لذكره وجه، وأما في الثاني فمن أين علم؟ لم يقل بالفرق بينهما. وقال بعضهم: أراد عدم التفرقة بين الرجل والمرأة، وأشار