عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٨١
إذا لم يكن الإمام حاضرا كيف يصلون جماعة؟ ولا تكون الصلاة بالجماعة إلا إذا كان فيهم إمام؟ فإن لم يكن إمام وصلوا فرادى لا يقال صلوا بجماعة، وإن كانوا جماعات؟ فإن قلت: بم انتصب جماعة؟ قلت: يجوز أن يكون بنزع الخافض، كما قدرناه، فإن قلت: هل يجوز أن يكون حالا؟ قلت: يجوز إذا قدر هكذا: باب صلاة القوم الكسوف حال كونهم جماعة، فطوى ذكر الفاعل للعلم به.
وصلى ابن عباس لهم في صفة زمزم أي: صلى للقوم عبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنهما، في صفة زمزم، والصفة، بضم الصاد المهملة وتشديد الفاء، قال ابن التين: صفة زمزم، قيل: كانت أبنية يصلي فيها ابن عباس، والصفة موضع مظلل يجعل في دار أو في حوش. وقال ابن الأثير، في ذكر أهل الصفة: هم فقراء المهاجرين، ولم يكن لواحد منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونة. وقال الكرماني: صفة، بضم المهملة وفي بعضها بالمعجمة وهي بالكسر والفتح: جانب الوادي، وصفتاه جانباه، وهذا التعليق رواه ابن أبي شيبة عن غندر: حدثنا ابن جريج عن سليمان الأحول عن طاووس: أن الشمس انكسفت على عهد ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، وصلى على صفة زمزم ركعتين في كل ركعة أربعة سجدات، ورواه الشافعي وسعيد بن منصور جميعا: عن سفيان بن عيينة عن سليمان الأحول (سمعت طاووسا يقول: كسفت الشمس فصلى بنا ابن عباس في صفة زمزم ست ركوعات في أربع سجدات، وبين الروايتين مخالفة. وقال البيهقي: روى عبد الله بن أبي بكر عن صفوان بن عبد الله بن صفوان قال: رأيت ابن عباس، رضي الله تعالى عنه، صلى على ظهر زمزم في كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركوعان. وقال الشافعي: إذا كان عطاء وعمرو وصفوان والحسن يروون عن ابن عباس خلاف سليمان الأحول كانت رواية ثلاثة أولى أن تقبل، ولو ثبت عن ابن عباس أشبه أن يكون ابن عباس فرق بين خسوف الشمس والقمر وبين الزلزلة، فقد روي أنه صلى في زلزلة ثلاث ركوعات في ركعة، فقال: ما أدري أزلزلت الأرض أم بي أرض، أي: رعدة؟ قال الجوهري: الأرض: النفضة والرعدة ثم نقل قول ابن عباس، هذا، قال أبو عمر: لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه صحيح: أن الزلزلة كانت في عصره ولا صحت عنه فيها سنة، وأول ما جاءت في الإسلام على عهد عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وفي (المعرفة) للبيهقي: صلى علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، في زلزلة ست ركوعات في أربع سجدات وخمس ركعات وسجدتين في ركعة وركعة، وسجدتين في ركعة، وقال الشافعي: لو ثبت هذا الخبر عن علي، رضي الله تعالى عنه، لقلنا به، وهم يثبتونه ولا يقولون به.
وجمع علي بن عبد، الله بن عباس وصلى ابن عمر رضي الله تعالى عنهم.
أي: جمع الناس علي بن عبد الله لصلاة الكسوف، وعلي بن عبد الله تابعي ثقة، روى له مسلم والأربعة، وروى له البخاري في (الأدب) وكان أصغر ولد أبيه سنا، وكان يدعى: السجاد، وكان يسجد كل يوم ألف سجدة، ولدليلة قتل علي بن أبي طالب في شهر رمضان سنة أربعين، فسمي باسمه وكني بكنيته: أبا الحسن، وفي ولده الخلافة، مات سنة أربع عشرة ومائة، وعن يحيى بن معين: مات سنة ثمان عشرة ومائة بالحميمة من أرض البلقاء في أرض الشام وهو ابن ثمان أو تسع وسبعين سنة، قوله: (وصلى ابن عمر) يعني: صلاة الكسوف بالناس، وأخرج ابن أبي شيبة قريبا من معناه: حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله، قال: رأيت ابن عمر يهرول إلى المسجد في كسوف ومعه نعلاه، يعني لأجل الجماعة، وأشار البخاري بهذين الأثرين إلى أن صلاة الكسوف بالجماعة، وهذا هو المطابقة بينهما وبين الترجمة.
2501 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس قال انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام قياما نحوا من قراءة سورة البقرة ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»