عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٢٧٧
علم من الحمد بالقياس عليه إلى آخره ولم يذكر شيئا تحته طائل ومنهم من قال أراد إلحاق التسبيح بالحمد لجامع الذكر لأن الذي في الحديث الذي ساقه ذكر التحميد دون التسبيح واعترضه بعضهم وقال بل الحديث مشتمل عليهما لكنه ساقه هنا مختصرا وقد تقدم في باب من دخل ليؤم الناس في أبواب الإمامة انتهى (قلت) هؤلاء كأنهم فهموا أن المراد من الترجمة جواز التسبيح والحمد في الصلاة مطلقا وليس كذلك فإن مراده الإتيان بلفظ التسبيح لمن نابه شيء وهو في الصلاة بدليل قيده للرجال فإنه ترجم ههنا بقوله باب ما يجوز إلى آخره وفيه قيد بقوله للرجال ثم ترجم للنساء بباب آخر وهو قوله باب التصفيق للنساء ولو كان مراده من الترجمة الإطلاق في ذلك لما قيده بقوله للرجال فإن التسبيح والحمد ونحوهما لأمر نابه في الصلاة يجوز للرجال والنساء ما لم يقع جوابا لشيء آخر وأما قوله في الترجمة والحمد فللتنبيه على أن الذي ينوبه شيء وهو في الصلاة إذا حمد الله عوض سبحان الله فإنه يجوز لأن الغرض من ذلك التنبيه على عروض أمر لا مجرد التسبيح والحمد لأن مجرد التسبيح والحمد ونحوهما لا يضر صلاة المصلي إذا لم يقع جوابا وقال صاحب التوضيح وفيه يعني في هذا الحديث أن التسبيح جائز للرجال والنساء عندما ينزل بهم من حاجة إلا يرى أن الناس أكثروا بالتصفيق لأبي بكر ليتأخر للنبي وبهذا قال مالك والشافعي أن من سبح في صلاته لشيء ينوبه أو أشار إلى إنسان فإنه لا يقطع صلاته وخالف في ذلك أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه (قلت) لا نسلم أن أبا حنيفة خالف فإنه هو الذي خالف فإن مذهب أبي حنيفة أنه إذا سبح أو حمد جوابا لإنسان فإنه يقطع لأنه يكون كلاما وأما إذا وقع شيء من ذلك لغير جواب فلا يضر ذلك لأن الصلاة هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن كما ثبت ذلك في الصحيح ثم أنهم فهموا أن حمد أبي بكر رضي الله تعالى عنه وهو في الصلاة إنما كان لأمر نابه وهو في الصلاة وليس كذلك فإنه حمد الله على ما أمر به رسول الله وقد صرح به في الحديث في باب من دخل ليؤم الناس حيث قال فلما أكثر الناس التصفيق فرأى رسول الله فأشار إليه رسول الله أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره رسول الله من ذلك على أن ابن الجوزي ادعى أنه أشار بالشكر والحمد بيده ولم يتكلم ثم إن البخاري روى حديث هذا الباب عن عبد الله بن مسلمة بفتح الميم واللام ابن قعنب التيمي الحارثي وقد تقدم غير مرة عن عبد العزيز بن أبي حازم واسم أبي حازم بالزاي سلمة بن دينار المديني عن أبيه سلمة عن سهل بن سعد الساعدي الأنصاري وأخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد وقد تكلمنا هناك على ما يتعلق به من الأنواع فلنذكر هنا ما هو المهم وإن وقع فيه بعض التكرار فإنه لا يضر لبعد المسافة قوله ' يصلح ' حال منتظرة قوله ' وحانت الصلاة ' أي حضرت وحلت قوله ' حبس النبي ' أي تأخر هناك لأجل الصلح قوله ' يمشي ' حال أيضا وكذلك قوله ' يشقها ' أي حال يشق الصفوف قوله ' فقال سهل ' وهو سهل بن سعد المذكور قوله ' هو التصفيق ' تفسير لقوله ' ما التصفيح واحتج به بعضهم على أن التصفيح والتصفيق بمعنى واحد وبه صرح الخطابي والجوهري وأبو علي القالي وآخرون حتى ادعى ابن حزم نفي الخلاف في ذلك وليس كذلك فإن القاضي عياض حكى أنه بالحاء الضرب بظاهر إحدى اليدين على الأخرى وبالقاف بباطنها على باطن الأخرى وقيل بالحاء الضرب بأصبعين للإنذار والتنبيه وبالقاف بجميعها للهو واللعب وأغرب الداودي فزعم أن الصحابة ضربوا بأكفهم على أفخاذهم قال القاضي عياض كأنه أخذه من حديث معاوية بن الحكم الذي أخرجه مسلم ففيه ' وجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ' * ((باب من سمى قوما أو سلم في الصلاة على غيره مواجهة وهو لا يعلم)) أي هذا باب في بيان حكم من سمى قوما بذكر أسمائهم أو سلم في صلاته على غيره مواجهة بفتح الجيم وهي نصب على المصدرية والحال أنه لا يعلم أي المسلم عليه لا يعلم يعني لا يسمع السلام وليس في رواية الأكثرين لفظ مواجهة وإنما هو وقع في رواية أبي ذر وقيل في رواية أبي ذر عن الحموي على غير بالتنوين بلا هاء الضمير وقال الكرماني وفي بعض النسخ على غيره مواجهة بلفظ اسم الفاعل المضاف إلى الضمير وإضافة الغير إليه (فإن قلت) لم يبين في الترجمة حكم الباب ما هو أجواز أو بطلان (قلت)
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»