عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ١٢٦
بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته.
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: إسحاق بن نصر وهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر أبو إبراهيم السعدي البخاري، فالبخاري يروي عنه تارة بنسبته إلى أبيه ويقول: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر، وتارة ينسبه إلى جده ويقول: حدثنا إسحاق بن نصر. الثاني: عبد الرزاق بن همام. الثالث: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، بضم الجيم. الرابع: عمرو بن دينار. الخامس: أبو معبد، بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح الباء الموحدة وفي آخره دال مهملة: واسمه نافذ، بالنون وبكسر الفاء وفي آخره ذال معجمة. السادس: عبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنهما.
ذكر لطائف إسناده: وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: الإخبار كذلك في موضع واحد وبصيغة الإفراد من الماضي في ثلاثة مواضع. وفيه: القول في ثلاثة مواضع، وفيه: أن شيخه من أفراده. وفيه: أن رواته ما بين بخاري ويماني ومكي ومدني. وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن إسحاق بن منصور عن عبد الرزاق: وأخرجه أبو داود فيه عن يحيى بن موسى البلخي عن عبد الرزاق.
ذكر معناه: قوله: (كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) أي: على زمانه، ومثل هذا يحكم له بالرفع عند الجمهور خلافا لمن شذ في ذلك. قوله: (قال ابن عباس) هو موصول بالإسناد الأول كما في رواية مسلم عن إسحاق بن منصور عن عبد الرزاق به، قوله: (كنت أعلم) فيه إطلاق العلم على الأمر المستند إلى الظن الغالب. قوله: (بذلك) أي: برفع الصوت إذا سمعته، أي: الذكر، والمعنى: كنت أعلم انصرافهم بسماع الذكر.
ذكر ما يستفاد منه: استدل به بعض السلف على استحباب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقيب المكتوبة، وممن استحبه من المتأخرين: ابن حزم، وقال ابن بطال: أصحاب المذاهب المتبعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالتكبير، والذكر، حاشا ابن حزم، وحمل الشافعي هذا الحديث على أنه جهر ليعلمهم صفة الذكر، لا أنه كان دائما. قال: واختار للإمام والمأموم أن يذكر الله بعد الفراغ من الصلاة، ويخفيان ذلك، إلا أن يقصد التعليم فيعلما ثم يسرا. وقال الطبري: فيه البيان على صحة فعل من كان يفعل ذلك من الأمراء والولاة، يكبر بعد صلاته ويكبر من خلفه، وقال غيره: لم أجد أحدا من الفقهاء قال بهذا إلا ابن حبيب في (الواضحة): كانوا يستحبون التكبير في العساكر والبعوث إثر صلاة الصبح والعشاء، وروى ابن القاسم عن مالك أنه محدث، وعن عبيدة، وهو بدعة. وقال ابن بطال: وقول ابن عباس: كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فيه دلالة أنه لم يكن يفعل حين حدث به، لأنه لو كان يفعل لم يكن لقوله معنى، فكان التكبير في إثر الصلوات لم يواظب الرسول، صلى الله عليه وسلم، عليه طول حياته، وفهم أصحابه أن ذلك ليس بلازم فتركوه خشية أن يظن أنه مما لا تتم الصلاة إلا به، فذلك كرهه من كرهه من الفقهاء. وفيه: دلالة أن ابن عباس كان يصلي في أخريات الصفوف لكونه صغيرا. قلت: قوله: (إذا انصرفوا) ظاهره أنه لم يكن يحضر الصلاة بالجماعة في بعض الأوقات لصغره.
842 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا عمر و قال أخبرني أبو معبد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كنت أعرف انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير (انظر الحديث 841).
علي هو ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار، ووقع في رواية الحميدي عن سفيان بصيغة الحصر ولفظه: (ما كنا نعرف انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، إلا بالتكبير)، وكذا أخرجه مسلم عن ابن أبي عمر عن سفيان. واختلف في كون ابن عباس قال ذلك، فقال عياض: الظاهر أنه لم يكن يحضر الجماعة، لأنه كان صغيرا ممن لا يواظب على ذلك، ولا يلزم به، فكان يعرف انقضاء الصلاة بما ذكره. وقال غيره: يحتمل أن يكون حاضرا في أواخر الصفوف، فكان لا يعرف انقضاءها بالتسليم، وإنما كان يعرفه بالتكبير. وقال ابن دقيق العيد: يؤخذ منه أنه لم يكن هناك مبلغ جهير الصوت يسمع من بعد. قوله:
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»