عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٧٣
أبي داود الطيالسي، وعن هناد عن وكيع عن همام به، وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق بن إبراهيم عن وكيع به، وعن إسماعيل ابن مسعود عن خالد بن الحارث عن همام به وأخرجه ابن ماجة عن علي بن محمد الطنافسي عن وكيع به.
ذكر معناه: قوله: (أنهم) أي: أنه وأصحابه تسحروا. أي: أكلوا السحور، وهو بفتح السين، اسم ما يتسحر به من الطعام والشراب، وبالضم المصدر، والفعل نفسه. وأكثر ما يروي بالفتح، وقيل: إن الصواب بالضم، لأنه بالفتح الطعام والبركة والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام. قوله: (إلى الصلاة) أي: صلاة الفجر. قوله: (كم كان بينهما)، سقط لفظ: كان، من رواية السرخسي والمستملي، وفاعل قلت هو: أنس، والضمير في بينهما يرجع إلى التسحر، والقيام إلى الصلاة من قبيل: * (اعدلوا هو أقرب للتقوى) * (المائدة: 8). قوله: (قال) أي: زيد بن ثابت. قوله: (قدر خمسين) مرفوع على الابتداء وخبره محذوف تقديره: قدر خمسين آية بينهما، والتمييز محذوف أشار إليه بقوله: (يعني آية).
ومما يستفاد منه: استحباب التسحر وتأخيره إلى قريب طلوع الفجر.
576 حدثنا حسن بن صباح سمع روحا قال حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فصلينا قلت لأنس كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة قال قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية. (الحديث 576 طرفه في: 1134).
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: الحسن بن صباح، بتشديد الباء البزار بالزاي. ثم الراء أحد الأعلام وقد تقدم. الثاني: روح، بفتح الراء: بن عبادة، بضم العين وتخفيف الباء الموحدة، تقدم. الثالث: سعيد بن أبي عروبة، بفتح العين المهملة، تقدم الرابع: قتادة بن دعامة. الخامس: أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: السماع. وفيه: العنعنة في موضعين، والفرق بين سند هذا الحديث وسند الحديث السابق أن هذا الحديث من مسانيد أنس، وذاك من مسانيد زيد بن ثابت، ورجح مسلم رواية همام عن قتادة فأخرجها ولم يخرج رواية سعيد. قال بعضهم: ويدل على رجحانها أيضا أن الإسماعيلي أخرج رواية سعيد من طريق خالد بن الحارث عن سعيد فقال: عن أنس عن زيد بن ثابت، والذي يظهر لي في الجمع بين الروايتين أن أنسا حضر ذلك لكنه لم يتسحر معهما، ولأجل ذلك سأل زيدا عن مقدار وقت السحور. انتهى. قلت: خرج الطحاوي من حديث هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس وزيد بن ثابت قالا: تسحرنا.. الحديث، فكيف يقول هذا القائل: إن أنسا حضر ذلك لكنه لم يتسحر معهما؟
ذكر معناه: قوله: (سمع روح بن عبادة) جملة وقعت حالا، وكلمة: قد، مقدرة فيه كما في قوله تعالى: * (أو جاؤكم حصرت صدورهم) * (النساء: 90). أي: قد حصرت. قوله: (تسحرا)، بالتثنية، وفي رواية السرخسي والمستملي: (تسحروا) بالجمع. قوله: (فصلينا)، بصيغة الجمع عند الأكثرين، وفي رواية الكشميهني بصيغة التثنية، ويروى: (فصلى) بالإفراد. قوله: (قلت لأنس) القائل قتادة، ويروى: (قلنا)، بصيغة الجمع.
ذكر ما يستفاد منه فيه: بيان أول وقت الصبح، وهو طلوع الفجر لأنه الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب على الصائم، والمدة التي بين الفراغ والسحور والدخول في الصلاة هي قراءة الخمسين آية أو نحوها، وهي قدر ثلث خمس ساعة، واختلفوا في آخر وقت الفجر، فذهب الجمهور إلى آخره أول طلوع جرم الشمس، وهو مشهور مذهب مالك، وروى عنه ابن القاسم وابن عبد الحكم: أن آخر وقتها الإسفار الأعلى؛ وعن الإصطخري: من صلاها بعد الإسفار الشديد يكون قاضيا مؤديا وإن لم تطلع الشمس.
577 حدثنا إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عن سليمان عن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد يقول كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعة بي أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. (الحديث 577 طرفه في: 1920).
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 67 68 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»