عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٤١
2 (باب فضل صلاة العصر)) أي: هذا باب في بيان فضل العصر. والمناسبة بين هذه الأبواب ظاهرة.
554 حدثنا الحميدي قال حدثنا مروان بن معاوية قال حدثنا إسماعيل عن قيس عن جرير قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب. قال إسماعيل افعلوا لا تفوتنكم..
[/ نه مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (وقبل غروبها)، أي: قبل غروب الشمس، والصلاة في هذا الوقت هي صلاة العصر، ولو قال: باب فضل الصلاة الفجر والعصر لكان أولى، لأن المذكور في الحديث والآية صلاة الفجر والعصر كلتاهما. وقال بعضهم: باب فضل صلاة العصر، أي: على جميع الصلوات، إلا قلت هذا التقدير المذكور في الحديث فيه تعسف، ولأن جميع الصلوات مشتركة في الفضل غاية ما في الباب أن لصلاتي الفجر والعصر مزية على غيرهما، وإنما خصص العصر بالذكر للاكتفاء، كما في قوله تعالى: * (سرابيل تقيكم الحر) * (لنحل: 81). أي: والبرد أيضا. وقيل: إنما خص العصر لأن في وقته ترتفع الأعمال وتشهد فيه ملائكة الليل، ولهذا ذكر في الحديث: (فإن استطعتم...). الحديث. قلت: وفي الفجر أيضا تشهد فيه ملائكة النهار، والأوجه في الجواب ما ذكرته الآن. وقال بعضهم: ويحتمل أن يكون المراد أن العصر ذات فضيلة لا ذات أفضلية. قلت: كل الصلوات ذوات فضيلة، والترجمة أيضا تنبىء عن ذلك.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: الحميدي، بضم الحاء المهملة: واسمه عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبد الله بن الزبير بن عبد الله بن حميد، ونسبته إلى جده: حميد القرشي المكي، مات سنة تسع عشرة ومأتين. الثاني: مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري، مات بدمشق سنة ثلاث وتسعين ومائة، قبل التروية بيوم فجاة. الثالث: إسماعيل بن أبي خالد، بالخاء المعجمة. الرابع: قيس بن أبي حازم بالحاء المهملة. الخامس: جبير بن عبد الله بن جابر البجلي، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول، ووقع عند أبي مردويه من طريق شعبة عن إسماعيل التصريح بسماع إسماعيل من قيس، وسماع قيس عن جرير. وفيه: ذكر الحميدي بنسبته إلى أحد أجداده، وأنه من أفراد البخاري. وفيه: أن رواته ما بين مكي وكوفي. وفيه: رواية التابعي عن التابعي، وهما: إسماعيل وقيس. وفيه: أن أحد الرواة من المخضرمين، وهو: قيس، فإنه قدم المدينة بعدما قبض النبي، صلى الله عليه وسلم، مات سنة أربع وثمانين، رضي الله تعالى عنه.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا عن مسدد عن يحيى بن سعيد في الصلاة أيضا وأخرجه في التفسير عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير، وفي التوحيد عن عمرو بن عون عن خالد وهشيم وعن يوسف ابن موسى عن عاصم وعن عبدة بن عبد الله. وأخرجه مسلم في الصلاة عن زهير بن حرب عن مروان به وعن أبي بكر ابن أبي شيبة عن عبد الله بن نمير وأبي اسامة ووكيع ثلاثتهم عن إسماعيل به وأخرجه أبو داود في السنة عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير ووكيع وأبي أسامة به. وأخرجه النسائي عن يحيى بن كثير وعن يعقوب بن إبراهيم. وأخرجه ابن ماجة في السنة عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه ووكيع وعن علي بن محمد عن خالد ويعلى بن عبيد ووكيع وأبي معاوية، أربعتهم عن إسماعيل به.
ذكر معناه: قوله: (ليلة)، قال الكرماني: الظاهر أنه من باب تنازع الفعلين عليه. قلت: الظاهر أن: ليلة، نصب على الظرفية، والتقدير: نظر إلى القمر في ليلة من الليالي، وهذه الليلة كانت ليلة البدر. وبه صرح في رواية مسلم، وسنذكر اختلاف الروايات فيه. قوله: (لا تضامون)، روي بضم التاء وبتخفيف الميم: من الضيم، وهو التعب، وبتشديدها من: الضم.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»