عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢١٤
عائشة: (فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي توفي فيه وهو جالس والناس خلفه قيام، ولم يأمرهم بالجلوس)، فدل على دخول التخصيص في عموم قوله: (إنما جعل الإمام ليؤتم به).
وقال ابن مسعود إذا رفع قبل الإمام يعود فيمكث بقدر ما رفع ثم يتبع الإمام مطابقته للترجمة تؤخذ من لفظ الترجمة على ما لا يخفى، وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح: عن هشيم أخبرنا حصين عن هلال بن يسار عن أبي حيان الأشجعي، وكان من أصحاب عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا تبادروا أئمتكم بالركوع ولا بالسجود، وإذا رفع أحدكم رأسه والإمام ساجد فليسجد ثم ليمكث قدر ما سبقه به الإمام). وروى عبد الرزاق عن عمر نحو قول ابن مسعود بإسناد صحيح، ولفظه: (إيما رجل رفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود فليضع رأسه بقدر رفعه إياه)، ورواه البيهقي من طريق ابن لهيعة، وقال البيهقي: رويناه عن إبراهيم والشعبي أنه يعود فيسجد، وحكى ابن سحنون عن أبيه نحوه، ومذهب مالك أن من خفض أو رفع قبل إمامه أنه يرجع فيفعل ما دام إمامه لم يرفع من ذلك، وبه قال أحمد وإسحاق والحسن والنخعي، وروي نحوه عن عمر، رضي الله تعالى عنه، وقال ابنه: من ركع أو سجد قبل إمامه لا صلاة له، وهو قول أهل الظاهر. وقال الشافعي وأبو ثور: إذا ركع أو سجد قبله فإن إدركه الإمام فيهما أساء، ويجزيه حكاه ابن بطال، ولو أدرك الإمام في الركوع فكبر مقتديا به ووقف حتى رفع الإمام رأسه فركع، لا يجزيه عندنا، خلافا لزفر.
وقال الحسن فيمن يركع مع الإمام ركعتين ولا يقدر على السجود يسجد للركعة الآخرة سجدتين ثم يقضي الركعة الأولى بسجودها وفيمن نسي سجدة حتى قام يسجد أي: الحسن البصري، والذي قاله مسألتان: الأولى: قوله: (فيمن يركع) إلى قوله: (بسجودها)، ووصلها سعيد ب) منصور عن هشيم عن يونس عن الحسن، ولفظه: (في الرجل يركع يوم الجمعة فيزحمه الناس فلا يقدر على السجود، قال: إذا فرغوا من صلاتهم سجد سجدتين لركعته الأولى، ثم يقوم فيصلي ركعة وسجدتين). قوله: (ولا يقدر على السجود) أي: لزحام ونحوه على السجود بين الركعتين، وقد فسره فيما رواه سعيد بن منصور بقوله: (في الرجل يركع يوم الجمعة فيزاحمه الناس فلا يقدر على السجود)، وإنما ذكر يوم الجمعة في هذا، وإن كان الحكم عاما، لأن الغالب في يوم الجمعة ازدحام الناس. قوله: (الآخرة)، ويروى: (الأخيرة)، وإنما قال: الركعة الأولى دون الثانية لاتصال الركوع الثاني به. المسألة الثانية: قوله: (وفيمن نسي سجدة) أي: قال الحسن فيمن نسي سجدة من أول صلاته. قوله: (يسجد) يعني: يطرح القيام الذي فعله على غير نظم الصلاة ويجعل وجوده كالعدم، ووصلها ابن أبي شيبة بأتم منه، ولفظه: (في رجل نسي سجدة من أول صلاته فلم يذكرها حتى كان آخر ركعة من صلاته، قال: يسجد ثلاث سجدات، فإن ذكرها قبل السلام يسجد سجدة واحدة، وإن ذكرها بعد انقضاء الصلاة يستأنف الصلاة) فإن قلت: ما مطابقة المروي عن الحسن للترجمة؟ قلت: مطابقته لها من حيث إن فيه متابعة الإمام بوجود بعض المخالفة فيه، وقال مالك في مسألة الزحام: لا يسجد على ظهر أحد، فإن خالف يعيد، وقال أصحابنا والشافعي وأبو ثور: يسجد ولا إعادة عليه.
78 - (حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زائدة عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال دخلت على عائشة فقلت ألا تحدثيني عن مرض رسول الله قالت بلى ثقل النبي فقال أصلى الناس قلنا لا هم ينتظرونك قال ضعوا لي ماء في المخضب قالت ففعلنا فاغتسل فذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال أصلى الناس قلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله قال ضعوا لي ماء في المخضب قالت فقعد فاغتسل ثم ذهب لينوء
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»