عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٠٨
ذكر ما يستفاد منه: فيه: جواز الإشارة المفهمة عند الحاجة، وجواز جلوس المأموم بجنب الإمام عند الضرورة أو الحاجة، وفي قوله: استأخر، دليل واضح أنه لم يكن عنده مستنكرا أن يتقدم الرجل عن مقامه الذي قام فيه في صلاته ويتأخر، وذلك عمل في الصلاة من غيرها، فكل ما كان نظير ذلك وفعله فاعل في صلاته لأمر دعاه إليه فذلك جائز. قيل: في الحديث إشعار بصحة صلاة المأموم وإن لم يتقدم الإمام عليه، كما هو مذهب المالكية. وأجيب: بأنه قد يكون بينهما المحاذاة مع تقدم العقب على عقب المأموم، أو جاز محاذاة العقبين لا سيما عند الضرورة أو الحاجة. وفيه: دلالة أن الأئمة إذا كانوا بحيث لا يراهم من يأتم بهم جاز أن يركع المأموم بركوع المكبر. وفيه: أن العمل القليل لا يفسد الصلاة.
48 ((باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته)) أي: هذا باب ترجمته من دخل... إلى آخره. قوله: (الإمام) الأول أي: الإمام الراتب. قوله: (فتأخر الأول) أي: الذي أراد أن ينوب عن الراتب، والمعرة إذا أعيدت إنما تكون عين الأول عند عدم القرينة الدالة على المغايرة، ويروي: (فتأخر الآخر)، والمراد منه: الداخل. وكل منهما أول باعتبار.
فيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: في المذكور من قوله: (فجاء الامام الأول فتأخر الأول...) إلى آخره، روي عن عائشة، وأشار به إلى حديثها الذي روى عنها عروة المذكور في الباب السابق، وهو قوله: (فلما رآه أبو بكر استأخر)، أي: فلما رأى النبي، صلى الله عليه وسلم، أبو بكر فالنبي صلى الله عليه وسلم، هو الأول لأنه الإمام الراتب، وأبو بكر هو الداخل ويطلق عليه الأول باعتبار أنه تقدم أولا، ويطلق عليه الآخر لأنه بالنسبة إلى الأول آخر. فافهم.
684 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلي للناس فأقيم قال نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك فرفع أبو بكر رضي الله تعالى عنه يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فلما انصرف قال يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله ت ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق من رابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء.
مطابقته للترجمة في قوله: (ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى).
ذكر رجاله: وهم أربعة: الأول: عبد الله بن يوسف التنيسي. القاني: مالك بن أنس. الثالث: أبو حازم، بالحاء المهملة والزاي: واسمه سلمة بن دينار وقد تقدم. الرابع: سهل بن سعد الساعدي الأنصاري.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: الإخبار بصيغة الإفراد. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضع واحد. وفيه: عن سهل، وفي رواية
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»