الخامسة: في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم، مرتين بعد الفلاح لما روى الطبراني في (معجمه الكبير) بإسناده عن بلال أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصبح، فوجده راقدا، فقال: الصلاة خير من النوم، مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أحسن هذا يا بلال إجعله في أذانك). وأخرجه الحافظ أبو الشيخ في (كتاب الأذان)، له عن ابن عمر قال: (جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصلاة، فوجده قد أغفى، فقال: الصلاة خير من النوم، فقال له: إجعله في أذانك إذا أذنت للصبح، فجعل بلال يقولها إذا أذن للصبح). ورواه ابن ماجة من حديث سعيد بن المسيب: (عن بلال أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. فأقرت في تأذين الفجر)، وخص الفجر به لأنه وقت نوم وغفلة.
السادسة: في معاني كلمات الأذان: ذكر ثعلب أن أهل العربية اختلفوا في معنى: أكبر، فقال أهل اللغة: معناه كبير، واحتجوا بقوله تعالى: * (وهو أهون عليه) * (الروم: 27). معناه وهو هين عليه، وكما في قول الشاعر:
* تمنى رجال أن أموت وإن أمت [/ عفتلك سبيل لست فيها بأوحد * أي: لست فيها بواحد. وقال الكسائي والفراء وهشام: معناه أكبر من كل شيء، فحذفت: من، كما في قول الشاعر:
* إذا ما ستور البيت أرخيت لم يكن * سراج لنا إلا ووجهك أنور * أي: أنور من غيره، وقال ابن الأنباري: وأجاز أبو العباس: الله كبر، واحتج بأن الأذان سمع وقفا لا إعراب فيه. قوله: (أشهد أن لا إله إلا الله) معناه: أعلم وأبين، ومن ذلك: شهد الشاهد عند الحاكم، معناه: قد بين له وأعلمه الخبر الذي عنده، وقال أبو عبيدة: معناه أقضي، كما في: * (شهد الله) * (آل عمران: 18). معناه: قضى الله. وقال الزجاجي: ليس كذلك، وإنما حقيقة الشهادة هو تيقن الشيء وتحققه من شهادة الشيء أي: حضوره. قوله: (رسول الله) قال ابن الأنباري: الرسول معناه في اللغة: الذي تتابع الأخبار من الذي بعثه من قول العرب، قد جاءت الإبل رسلا أي: جاءت متتابعة. ويقال في تثنيته: رسولان، وفي جمعه: رسل، ومن العرب من يوحده في موضع التثنية والجمع، فيقول: الرجلان رسولك، والرجال رسولك، قال الله تعالى: إنا رسولا ربك) * (طه: 47). وفي موضع آخر: * (أنا رسول رب العالمين) * (مريم: 190)، ففي الأول خرج الكلام على ظاهره لأنه إخبار عن موسى وهارون، عليهما الصلاة والسلام، وفي الثاني بمعنى الرسالة، كأنه قال: إنا رسالة رب العالمين، قاله يونس، وقال أبو إسحاق الزجاج: ليس ما ذكره ابن الأنباري في اشتقاق الرسول صحيحا، وإنما الرسول المرسل المبعد من أرسلت 9 أبعدت وبعثت، وإنما توهم في ذلك لأنه رآه على فعول، فتوهمه مما جاء على المبالغة، ولا يكون ذلك إلا لتكرار الفعل فهو ضروب وشبهه، وليس كذلك، وإنما هو اسم لغير تكثير الفعل بمنزلة: عمود وعنود. وقال ابن الأنباري: وفصحاء العرب أهل الحجاز ومن والاهم يقولون: أشهد أن محمدا رسول الله، وجماعة من العرب يبدلون من الألف عينا فيقولون: أشهد عن. قوله: (حي على الصلاة). قال الفراء معناه: هلم، وفتحت الياء من حي لسكون الياء التي قبلها. وقال ابن الأنباري: فيه ست لغات، حي هلا، بالتنوين، وفتح اللام بغير تنوين، وتسكين الهاء، وفتح اللام، وحي هلن، لا وحي هلين، قاله الزجاجي.
الوجه الخامس: بالنون هو الأول، بعينه لأن التنوين والنون سواء، ومعنى الفلاح الفوز، يقال: أفلح الرجل إذا فاز.
((باب الأذان مثنى مثنى)) أي: هذا باب يذكر فيه الأذان مثنى مثنى، ومثنى هكذا مكررا رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: مثنى مفردا، ومثنى مثنى، معدول من اثنين اثنين، والعدل على قسمين: عدل تحقيقي وهذا منه، وعدل تقديري كعمرو وزفر، وقد عرف في موضعه، وفائدة التكرار للتوكيد، إن كان التكرار يفهم من صيغة المثنى لأنها معدولة عن: اثنين اثنين، كما ذكرناه. ويقال الأول لإفادة التثنية لكل ألفاظ الأذان، والثاني لكل أفراد الأذان، أي: الأول: لبيان تثنية الأجزاء، والثاني: لبيان تثنية الجزئيات.
606 حدثنا محمد قال أخبرنا عبد الوهاب قال أخبرنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال لما كثر الناس قال ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه فذكروا أن يوروا نارا أو يضربوا ناقوسا فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة.
مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث الأول.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: محمد بن سلام، هكذا وقع في رواية أبي ذر، وفي رواية غيره: حدثني محمد غير منسوب، وقال أبو علي الجياني: ذكر البخاري في مواضع: حدثنا محمد، غير منسوب: منها في الصلاة والجنائز والمناقب والطلاق والتوحيد، وفي بعضها: محمد بن سلام منها ههنا على الاختلاف المذكور، وقال