على أن حماد بن زيد لو انفرد بذلك لكان كافيا لثقته وحفظه، لا سيما في هشام، وليس هذا بمخالفة، بل زيادة ثقة وهي مقبولة لا سيما من مثله. وفي (التلويح): وقوله (فكانت تغتسل لكل صلاة) قيل: هو من قول الراوي ومعناه: تغتسل من الدم الذي كان يصيب الفرج، إذ المشهور من مذهب عائشة، رضي الله تعالى عنها، أنها كانت لا ترى الغسل لكل صلاة، يدل على صحة هذا قوله صلى الله عليه وسلم: (هذا عرق)، لأن دم العرق لا يوجب غسلا.
وقيل: إن هذا الحديث منسوخ بحديث فاطمة، لأن عائشة أفتت بحديث فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وخالفت حديث أم حبيبة، ولهذا إن أبا محمد الأشبيلي قال: حديث فاطمة أصح حديث يروى في الاستحاضة. وقال الشافعي: إنما أمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي، وإنما كانت تغتسل لكل صلاة تطوعا. وكذا قال الليث بن سعد في روايته عند مسلم: لم يذكر ابن شهاب أنه صلى الله عليه وسلم أمرهاأن تغتسل لكل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي، وإلى هذا ذهب الجمهور، قالوا: لا يجب على المستحاضة الغسل لكل صلاة، لكن يجب عليها الوضوء إلا المتحيرة. وقال الخطابي: هذا الخبر مختصر ليس فيه ذكر حال هذه المرأة ولا بيان أمرها، وكيفية شأنها، وليس كل مستحاضة يجب عليها الاغتسال لكل صلاة، وإنما هي فيمن تبتلى وهي لا تميز دمها، أو كانت لها أيام فنسيتها وموضعها ووقتها وعددها، فإذا كانت كذلك فإنها لا تدع شيئا من الصلاة، وكان عليها أن تغتسل عند كل صلاة، لأنه يمكن أن يكون ذلك الوقت قد صادف زمان انقطاع دمها، فالغسل عليها عند ذلك واجب.
27 ((باب المرأة تحيض بعد الإفاضة)) أي: هذا في بيان حكم المرأة التي تحيض بعد طواف الإفاضة، وهي التي تسمى أيضا: طواف الزيارة، وهو من أركان الحج، يعني هل تنفر وتترك طواف الوداع؟ فالجواب: نعم تترك وتنفر.
وجه المناسبة بين البابين من حيث إن في الباب السابق حكم المستحاضة، وفي هذا الباب حكم الحائض، فالحيض والاستحاضة من واد واحد.
328 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمر و بن حزم عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن صفية بنت حيي قد حاضت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلها تحبسناألم تكن طافت معكن فقالوا بلى قال فاخرجي..
مطابقته للترجمة ظاهرة، وهو أن صفية إنما حاضت بعد طواف الإفاضة.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: عبد الله بن يوسف التنيسي. الثاني: الإمام مالك بن أنس. الثالث: عبد الله بن أبي بكر المدني الأنصاري، قال الإمام أحمد: حديثه شفاء مر في باب الوضوء مرتين مرتين. الرابع: أبوه أبو بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، بفتح الهاء المهملة وسكون الزاي، ولي القضاء والإمرة والموسم زمن عمر بن عبد العزيز، رضي الله تعالى عنه، مر في باب كيف يقبض العلم. الخامس: عمرة بنت عبد الرحمن، وهي المذكورة في الباب السابق، وعمرة خالته التي تربت في حجر عائشة، رضي الله تعالى عنها. السادس: عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر لطائف اسناده. فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وصيغة الإخبار كذلك. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول. وفيه: أن رواته كلهم مدنيون غير عبد الله فإنه مصري ثم تنيسي: وفيه: رواية ثلاثة من التابعين بعنعنة، وهم ما بين مالك وعائشة، رضي الله تعالى عنها.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الحج عن يحيى بن يحيى عن مالك. وأخرجه النسائي فيه عن الحارث بن مسكين، وفيه في الطهارة عن محمد بن سلمة، كلاهما عن ابن القاسم عن مالك به.
ذكر بقية الكلام: قوله: (إن صفية)، بفتح الصاد المهملة وكسر الفاء وتشديد الياء آخر الحروف: بنت حيي بضم الحاء المهملة وباليائين الأولى مفتوحة مخففة، والثانية مشددة، ابن أخطب، بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وفتح الطاء المهملة بعدها باء موحدة، النضرية، بفتح النون وسكون الضاد المعجمة، من بنات هارون