عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٢٦٧
فقط، وممن ذهب إليه عكرمة ومجاهد والشعبي والنخعي والحكم والثوري والأوزاعي وأحمد وأصبغ وإسحاق بن راهويه وأبو ثورة وابن المنذر وداود، وهذا أقوى دليلا لحديث أنس، رضي الله تعالى عنه: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) اقتصار النبي صلى الله عليه وسلم في مباشرته على ما فوق الإزار محمول على الاستحباب، وقول محمد هو المنقول عن علي وابن عباس وأبي طلحة، رضي الله تعالى عنهم، وذكر القرطبي عن مجاهد: كانوا في الجاهلية يتجنبون النساء في الحيض، ويأتونهن في أدبارهن في مدته. والنصارى كانوا بجامعونهن في فروجهن، واليهود والمجوس كانوا يبالغون في هجرانهن وتجنبهن فيعتزلونهن بعد انقطاع الدم وارتفاعه سبعة أيام، ويزعمون أن ذلك في كتابهم.
ومنها: جواز استخدام الزوجات. ومنها: فيه طهارة عرق الحائض. ومنها: أن إخراج الرأس من المسجد لا يبطل الاعتكاف.
302 حدثنا إسماعيل بن خليل قال أخبرنا علي بن مسهر قال أخبرنا أبو إسحاق هو الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك إربه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه. (انظر الحديث 300 وطرفه).
مطابقتة للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: إسماعيل بن خليل أبو عبد الله الكوفي في الخزاز، بالخاء المعجمة والزايين المعجمتين أولاهما مشددة، قال البخاري: جاءنا نعيه سنة خمس وعشرين ومائتين. الثاني: علي بن مسهر، بضم الميم وسكون السين المهملة وكسر الهاء وبالراء أبو الحسن القرشي الكوفي، مات سنة تسع وثمانين ومائة. الثالث: أبو إسحاق الشيباني سليمان بن فيروز، من مشاهير التابعين، مات سنة إحدى وأربعين ومائة. الرابع: عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي، من خيار التابعين والعلماء العاملين، مات سنة تسع وتسعين. الخامس: أبوه الأسود بن يزيد، وقد مر غير مرة. السادس: عاشة أم المؤمنين، رضي الله تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده فيه: خليل، بدون الألف واللام في رواية أبي ذكر وكريمة، وفي رواية غيرهما: الخليل، بالألف واللام. فإن قلت: هو علم فلا تدخله أداة التعريف. قلت: إذا قصد به لمح الصفة يجوز كما في: العباس والحارث ونحوهما وفيه: التحديث، أشار إلى أنه تعريف له من تلقاء نفسه، وليس من كلام شيخه. وفيه: أن رواته كلهم إلى عائشة كوفيون. وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابة.
ذكر من أخرجه غيره أخرجه مسلم في الطهاة عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر. وأخرجه أبو داود فيه عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير، وأخرجه ابن ماجة فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة به، وعن أبي سلمة يحيى بن خلف.
ذكر معناه قولها: (كانت إحدانا) أرادت: إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية مسلم: (كان إحدانا) بدون التاء، وحكى سيبويه في كتابه أنه قال بعض العرب، قال امرأة قوله: (أن يباشرها) من المباشرة التي هي أن يمس الجلد الجلد، وليس المراد به الجماع، كما ذكرنا فيما مضى. قوله: (أن تتزر) قد ذكرنا أن اللغة الفصحى بأتزر بالهمزة بلا إدغام. قوله: (في فور حيضتها) بفتح الفاء وسكون الواو، وفي آخره راء، وأرادت به معظم حيضتها ووقت كثرتها، وقال الجوهري: فورة الحر شدته، وفار القدر فورا إذا حاشت، وحيضتها بفتح الحاء لا غير. قوله: (إربه) بكسر الهمزة وسكون الراء وبالباء الموحدة، وقيل: المراد عضوه الذي يستمنع به، وقيل: حاجته، وفي كتاب (المنتهى) فيه لغات إرب وإربة وأراب ومأربة ومأربة ومأربة، عن أبي سلمة، وفي الحديث: ولكنه (أملككم لإربه) قال الأصمعي: هي الحاجة، أي: أضبطكم لشهوته، وقال ابن الأعرابي: أي: لجزمه، وضبط نفسه وقد أرب يأرب إربا إذا احتاج. يقال آ إن فلانا لأرب بفلانة إذا كان ذاهم بها، ويشهد لقول ابن الأعرابي ما جاء في بعض الروايات: (أملككم لنفسه) وفي (المحكم) و (الجامع) والمأرب، وهي الإراب والأرب، وقال الخطابي: وأكثر الرواة يقولون: لإربه، والإرب العضو، وإنما هو الأرب
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»