عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٢٦٥
5 ((باب مباشرة الحائض)) أي: هذا باب في بيان حكم المباشرة مع زوجته الحائض وأراد بالمباشرة هنا مماسة الخلدين لا الجماع، فإن جماع الحائض حرام على ما نذكره مفصلا إن شاء الله تعالى.
والمناسبة بين البابين ظاهرة جدا، وهو وجود المباشرة في كل منهما.
299 حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا جنب.
حدثنا وكان يأمرني فاتزر فيباشرني وأنا حائض. حدثنا وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغتسله وأنا حائض..
مطابقة الحديث للترجمة في قولها: (فيباشرني).
ذكر رجاله وهم ستة: قبيصة، بفتح القاف وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الصاد المهملة وفي آخره تاء ابن عقبة أبو عامر الكوفي، وسفيان الثوري، ومنصور بن المعتمر، وإبراهيم النخعي، وخالد الأسود بن يزيد كلهم تقدموا في باب علامة المنافق.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: أن رواته كلهم إلى عائشة كوفيون. وفيه: رواية التابعي عن التابعي. فإن قلت: إبراهيم، هل أدرك أحدا من الصحابة، أو سمع من أحد منهم؟ قلت: ذكر العجلي: إبراهيم النخعي لم يحدث عن أحد من الصحابة، وقد أدرك منهم جماعة، وقد رأى عائشة، رضي الله تعالى عنها، ويقال: رأى أبا جحيفة وزيد بن أرقم وابن أبي أوفى ولم يسمع منهم، وعن ابن حبان بأنه سمع المغيرة والله تعالى أعلم.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في آخر الصوم عن محمد بن يوسف الفريابي، وأخرجه مسلم في الطهارة عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم ثلاثتهم عن جرير عن منصور به أخرجه أبو داود فيه عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة وأخرجه الترمذي فيه عن بندار عن ابن مهدي عن سفيان به وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق بن إبراهيم به، وفي عشرة النساء عن محمود بن غيلان عن وكيع عن سفيان به وعن إسماعيل بن مسعود. وأخرجه ابن ماجة في الطهارة عن أبي بكر بن أبي شيبة به.
ذكر معناه وإعرابه قولها: (أنا والنبي) النبي بالرفع والنصب وأما الرفع فبالعطف على الضمير المرفوع في: كنت، وأما النصب فعلى أن: الواو، بمعنى المصاحبة. وقولها: (أنا) ذكر لأن في عطف الظاهر على الضمير المرفوع المستكن بدون التأكيد خلافا، كما ذكر في موضعه. قولها: (كلانا جنب) وقع حالا، وإنما لم تقل: كلانا جنبان، لأنها اختارت اللغة الفصيحة وقد ذكرنا أن الجنب يستوي فيه الواحد والمثنى والجمع في اللغة الفصحى، وإن كان يقال: جنبان وجنبون. قولها: (وكان يأمرني) أي: وكان النبي ت يأمرني بالاتزال قولها: (فاتزر) بفتح الهمزة وتشديد التاء المثناة من فوق، وأصله ائتزر، بالهمزتين أولاهما مفتوحة، والثانية ساكنة، لأن أصله من أزر، فنقل إلى باب، افتعل، فصار، اتزر يتزر، وكذا استعمل من غير إدغام في حديث آخر، وهو: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يباشر بعض نسائه وهي مؤتزرة في حالة الحيض). وقال ابن الأثير: وقد جاء في بعض الروايات: وهي متزرة، وهو خطأ، لأن الهمزة لا تدغم في التاء. قلت: فعلى هذا ينبغي أن يقرأ: فآتزر بالمد، لأن الهمزتين إذا اجتمعتا وكانت الأولى متحركة والثانية ساكنة أبدلت الثانية حرف علة من جنس حركة الأولى، فتبدل ألفا بعد الفتحة، فكذلك هاهنا، لأن أصله أتزر، بهمزتين الأولى متحركة والثانية ساكنة، فأبدلت الثانية ألفا فصارت: آتزر بالمد. وقال ابن هشام: وعوام المحدثين يحرفونه فيقرؤونه بألف وتاء مشددة، ولا وجه له لأنه افتعل من الإزار، ففاؤه همزة فساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة، وكذا الزمخشري أنكر الإدغام. وقال الكرماني: فإن قلت: لا يجوز الإدغام فيه عند التصريف، قال صاحب (المفصل) قول من قال: اتزر خطأ. قلت: قول عائشة، وهي من فصحاء العرب، حجة في جوازه، فالمخطىء، قلت: إنما يصح ما ادعاه إذا ثبت عن عائشة أنها قالت بالإدغام، فلم لا يجوز أن يكون
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»