عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٥
ثبوت النسخ عنده، لأن الراوي روى شيئا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو علمه منه، ثم فعل أو أفتى بخلافه يدل على ثبوت النسخ عنده، إذا لم يثبت ذلك لما كان له الإقدام على خلافه، وكذلك روى من قول ابن عمر ما رواه من حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه قال: (إذا أجنب الرجل، وأراد أن يأكل أو يشرب أو ينام غسل كفيه وتمضمض واستنشق. وغسل وجهه وذراعيه، وغسل فرجه ولم يغسل قدميه) فبهذا أبطل قول هذا القائل: ويحمل ترك ابن عمر غسل قدميه على أن ذلك كان لعذر. فإن قلت: ما الحكمة في هذا الوضوء؟ قلت: فيه تخفيف الحديث يدل عليه ما رواه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن شداد بن أوس الصحابي قال: إذا أجنب أحدكم من الليل، ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة وقيل لأنه إحدى الطهارتين فعلى هذا يقوم التيمم مقامه، وقد روى البيهقي بإسناد حسن عن عائشة رضي الله تعالى عنها: [حم (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أجنب فأراد أن ينام يتوضأ أو يتيمم) [/ حم قلت: الظاهر أن التيمم هذا كان عند عدم الماء، وقيل: إنه ينشط إلى العود أو إلى الغسل، وقال ابن الجوزي الحكمة فيه أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة، بخلاف الشياطين، فإنها تقرب من ذلك.
27 ((باب الجنب يتوضأ ثم ينام)) أي: هذا باب في بيان حكم الجنب يتوضأ ثم ينام، والمناسبة بين البابين ظاهرة.
288 ح دثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ للصلاة. (انظر الحديث 286).
مطابقتة للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: يحيى بن بكير، بضم الباء الموحدة، سبق في باب الوحي، وهو يحيى بن عبد الله بن بكير المصري، وينسب غالبا إلى جده. الثاني: الليث بن سعد. الثالث: عبيد الله بن أبي جعفر أبو بكر الفقيه المصري. الرابع: محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود الأسدي المدني، بتيم عروة بن الزبير كان أبوه أوصى به إليه. الخامس: عروة ابن الزبير. السادس: أم المؤمنين عائشة.
بيان لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: أن نصف رواته مصريون. والنصف الآخر مدنيون.
ذكر معناه قوله: (كان) يدل على الاستمرار قوله: (وهو جنب) جملة حالية. قوله: (غسل) جواب، إذا قوله: (توضأ للصلاة) ليس معناه أنه توضأ لأداء الصلاة إذ لا يجوز الصلاة له قبل الغسل، بل معناه توضأ وضوأ مختصا بالصلاة، يعني وضوأ شرعيا لا وضوء لغويا أو يقدر محذوف أي: توضأ وضوأ كما يتوضأ للصلاة، وفي بعض الروايات وضوءه للصلاة.
289 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله قال استفتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ.
(انظر الحديث 287 وطرفه) [/ ح.
جويرية، بالجيم والراء، مصغرا اسم رجل، واسم أبيه أسماء من عبيد الضبعي، سمع من نافع ومن مالك. قوله: (عن عبد الله ابن عمر) وفي رواية ابن عشاكر: عن ابن عمر. قوله: (استفتى) أي: طلب الفتوى من النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (أينام أحدنا) صورة الاستفتاء. قوله: (فقال: نعم) جوابه والهمزة في: أينام للاستفهام. قوله: (وهو جنب) جملة حالية. قوله: (إذا توضأ) وفي رواية مسلم من طريق ابن جريح عن نافع، ليتوضأ ثم لينم.
290 حدثنا عبد الله بن يعسف قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الجنابة من الليل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ واعسل ذكرك ثم نم. (انظر الحديث 287 وطرفه).
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»