حاله أجل من ذلك وأعظم. ومنها: أن أشهب المالكي احتج به على أن إزالة النجاسة ليست بواجبة. قال القرطبي: والدلائل القطعية توجب إزالتها عن ثوب المصلى وبدنه، والمكان الذي يصلي فيه يرد عليه، وقال القرطبي: ومنهم من فرق بين ابتداء الصلاة بالنجاسة، فقال: لا يجوز، وبين طرؤها على المصلي في نفس الصلاة فيطرحها عنه وتصح صلاته، والمشهور من مذهب مالك قطع طرؤها للصلاة إذا لم يمكن طرحها بناء على أن إزالتها واجبة.
الأسئلة والأجوبة منها ما قيل: إنه كم كان عدد الذين ألقوا في القليب؟ وأجيب: بأن قتادة روي عن أنس عن أبي طلحة قال: لما كان يوم بدر، وظهر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر ببضعة وعشرين رجلا. وفي رواية: بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فألقوا في طوى من أطواء بدر. ومنها ما قيل: إن إلقاءهم في البئر دفن لهم، والحربي ويجب دفنه بل يترك في الصحراء، وهم كانوا حربا؟ وأجيب: بأن إلقاءهم في البئر كان تحقيرا لهم ولئلا يتأذى الناس برائحتهم ولم يكن ذلك دفنا فإن قلت: في (سنن) الدارقطني. أن من سننه صلى الله عليه وسلم في مغازيه إذا مر بجيفة إنسان أمر بدفنه، ولا يسأل عنه مؤمنا كان أو كافرا. قلت: إنما كان لا يسأل لأنه كان يعلم بالوحي بأنه إن كان مؤمنا كان مستحق الدفن لكرامته، وإن كان كافرا فلئلا يتأذى الناس برائحته، على أن المراد بدفنه ليس دفنا شرعيا، بل صب التراب عليه للمواراة. ومنها ما قيل: إن صب التراب عليهم كان يقطع رائحتهم؟ قلت: كان إلقاؤهم في البئر أيسر عليهم في ذلك الوقت مع زيادة التحقير لهم لما ذكرنا. ومنها ما قيل: كيف كان والناس ينتفعون بمائها؟ وأجيب: بأنه لم يكن فيه ماء، وكانت عادية مهجورة، ويقال: وافق أنه كان حفرها رجل من بني النار اسمه بدر من قريش بن مخلد بن النضر بن كنانة الذي سميت قريش به على أحد الأقوال، فكان فالا مقدما لهم، والله تعالى أعلم.
70 باب البراق والمخاط ونحوه في الثوب إن قلنا إن باب البصاق مبتدأ يحتاج إلى خبر فيكون تقديره: باب البصاق في الثوب لا يضر المصلي، وإن قلنا: هو خبر مبتدأ محذوف فيكون تقديره: هذا باب في بيان حكم البصاق في الثوب هل يضر أم لا، والبصاق، بضم الباء على وزن: فعال: ما يسيل من الفم، وفيه ثلاث لغات: بالصاد والزاي والسين، وأعلاها الزاي وأضعفها السين. قوله: (والمخاط) عطف على البصاق، وهو بضم الميم، ما يسيل من الأنف. قوله: (ونحوه) بالجر، عطف على ما قبله. قوله: (فأن قلت:) كان ينبغي أن يقال: ونحوهما، لأن المذكور شيئان قلت: تقديره. ونحو كل منهما، وقوله: (في الثوب) يتعلق بمحذوف، أي الكائن، أو كائنا. فإن قلت: ما المراد من قوله: ونحوه؟ قلت: العرق، وعرق كل حيوان يعتبر بسؤره الذي يمتزج بلعابه، ويستثني منه الجمار على ما عرف في الفقه.
فإن قلت: ما وجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب الذي قبله؟ قلت: وجهها ظاهر على وضع البخاري لأنه وضع الباب الذي قبله فيما إذا ألقى على ظهر المصلى قذر، ورأى به عدم بطلان الصلاة في مثل هذه الصورة، وحكم هذا الباب كذلك، ولا خلاف فيه وقال بعضهم: ودخول هذا في أبواب الطهارة من جهة أنه لا يفسد الماء. قلت: هذا حكم الباب في البصاق الذي يصيب الثوب، وذكره عقيب الباب الذي قبله من هذه الجهة، ولا ذكر للماء في البابين نعم، إذا كان حكم البصاق لا يفسد الثوب يكون كذلك لا يفسد الماء.
وقال عروة عن المسور ومروان خرج النبي صلى الله عليه وسلم زمن حديبية فذكر الحديث وما تنخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فذلك بها وجهه وجلده مطابقة هذا التعليق للترجمة ظاهرة، وهو قطعة من حديث طويل ساقه البخاري بطوله في صلح الحديبية، والشروط الجهاد، عن عبد الله بن محمد بن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة، وقد علق منه قطعة في باب استعمال فضل وضوء