، والحديث مشتمل على ذكر الحلقة والفرجة، وعلى من جلس حيث ينتهي به المجلس، ولأجل هذا قال: في الحلقة، ولم يقل: ومن رأى فرجة في المجلس، ليطابق ما في الباب من ذكر الحلقة، وإنما قال في الأول بلفظ المجلس للإشعار بأن حكمهما واحد ههنا.
بيان رجاله: وهم خمسة. الأول: إسماعيل بن أويس. الثاني: مالك بن أنس الإمام. الثالث: إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهيل بن الأسود بن حرام الأنصاري النجاري، ابن أخي أنس لأمه كان يسكن دار جده بالمدينة، وهو تابعي، سمع أباه وعمه لأمه أنس بن مالك وغيرهما، واتفقوا على توثيقه، وهو أشهر أخوته وأكثرهم حديثا. وهم: عبد الله ويعقوب وإسماعيل وعمر بنو عبد الله، وكان مالك لا يقدم على إسحاق في الحديث أحدا، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة، روى له الجماعة. الرابع: أبو مرة، بضم الميم وتشديد الراء، اسمه يزيد، مولى عقيل بن أبي طالب، وقيل: مولى أخيه علي، رضي الله عنه، وقيل: مولى أختهما أم هانىء. روى عن عمرو بن العاص وأبي هريرة وأبي الدرداء وأبي واقد، روى له الجماعة. قال ابن ميمونة: كان شيخا قديما. الخامس: أبو واقد، بالقاف المكسورة وبالدال المهملة، وهو مشهور بكنيته، واختلف في اسمه، فقال ابن الكلبي: اسمه الحارث بن عوف، وقال الواقدي: الحارث بن مالك. وقال غيرهما: عوف بن الحارث. قال أبو عمرو: الأول أصح، ابن أسيد بن جابر بن عويرة بن عبد مناة ابن شجع بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن علي بن كنانة بن خزيمة. وقال أبو عمرو: قال بعضهم: شهد بدرا ولم يذكره موسى بن عقبة، ولا ابن إسحاق في البدريين، وذكر بعضهم أنه كان قديم الإسلام، ويقال: أسلم يوم الفتح، وأخبر عن نفسه أنه شهد حنينا. قال: وكنت حديث عهد بكفر، وهذا يدل على تأخر إسلامه. وشهد بعد النبي، صلى الله عليه وسلم، اليرموك، ثم جاور بمكة سنة، وتوفي بها، ودفن بمقبرة المهاجرين. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وعشرين حديثا، اتفقا على حديث، وهو هذا، وزاد مسلم حديثا آخر، وهو ما كان يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم في الأضحى. وقيل: إنه ولد في العام الذي ولد فيه ابن عباس، قال المقدسي: وفي هذا وشهوده بدرا نظر، وتوفي سنة ثمان وستين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، روى له الجماعة، وفي الصحابة من يكنى بهذه الكنية ثلاثة، هذا أحدهم، وثانيهم: أبو واقد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه أبو عمر زاذان. وثالثهم: أبو واقد النميري، روى عنه نافع بن سرجس والليثي، بالياء آخر الحروف والتاء المثلثة، نسبة إلى ليث بن بكر المذكور.
بيان لطائف إسناده: منها: أن في إسناده التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والاخبار. ومنها: أن رجاله مدنيون. ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعي. ومنها: أنه ليس للبخاري عن أبي واقد غير هذا الحديث، لم يروه عنه إلا أبو مرة، ولم يرو عن أبي مرة إلا ابن إسحاق، وقد صرح النسائي في روايته بالتحديث من طريق يحيى بن أبي كثير عن إسحاق، فقال عن أبي مرة: إن أبا واقد حدثه.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الصلاة عن عبد الله ابن يوسف عن مالك. وأخرجه مسلم في الاستئذان عن قتيبة عن مالك به، وعن أحمد بن المنذر عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن حرب بن شداد وعن إسحاق بن منصور عن حبان بن هلال عن أبان بن يزيد، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير عن إسحاق بن عبد الله به، وأخرجه الترمذي في الاستئذان عن إسحاق بن موسى الأنصاري، عن معن بن مالك وقال: حسن صحيح. وأخرجه النسائي في العلم عن قتيبة به، وعن الحارث بن مسكين عن أبي القاسم عن مالك به، وعن علي بن سعيد بن جرير عن عبد الصمد بن عبد الوارث به.
بيان اللغات: قوله: (نفر)، بالتحريك. قال الجوهري: عدة رجال، من الثلاثة إلى العشرة، وفي (العباب): النفر والنفير عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة، وجمع النفر: أنفار وانفرة ونفراء. وقال الأصمعي: نفر الرجل رهطه. فإن قلت: فعلى هذا التقدير أقل ما يفهم منه ههنا تسعة رجال، لأن أقل النفر ثلاثة؟ لكنه ليس كذلك، إذ لم يكن المقبلون إلا رجالا ثلاثة. قلت: معناه ثلاثة هي نفر، كأن النفر هو بيان للثلاثة، أو المراد من النفر معناه العرفي، إذ هو بحسب العرف يطلق على الرجل، فكأنه قال: ثلاثة رجال. فإن قلت: مميز الثلاثة لا بد أن يكون جمعا، والنفر ليس بجمع. قلت: النفر اسم جمع في وقوعه تمييزا كالجمع. نحو قوله تعالى: * (تسعة رهط) * (النمل: 48) وقال الزمخشري: إنما جاء تمييز التسعة بالرهط لأنه في معنى الجماعة،