عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٢٢٨
بفتحها وفي الجامع للقزاز قال قوم المرفق من اليد والمتكأ والأمر بكسر الميم ولذلك قرأ الأعمش والحسن وأبو عمرو وحمزة والكسائي * (ويهيء لكم من أمركم مرفقا) * بكسر الميم وقرأها أهل المدينة وعاصم بالفتح وبهذا يرد على الجوهري حيث زعم أن الفتح لم يقرأ أحد به وفي الغريبين الفتح أقيس والكسر أكثر في مرفق اليد قوله * (وامسحوا) * أمر من مسح يمسح مسحا من باب فعل يفعل بالفتح فيهما قال الجوهري مسح برأسه وتمسح بالأرض ومسح الأرض مساحة أي ذرعها ومسح المرأة أي جامعها ومسحه بالسيف أي قطعه ومسحت الإبل يومها أي سارت ومسح الرحل بالكسر مسحا من الأمسح وهو الذي يصيب أحد ربلتيه قلت الربلة بفتح الراء وسكون الباء الموحدة وفتحها هو باطن الفخذ وقال الأصمعي الفتح أفصح والجمع ربلات وفي الشرع المسح الإصابة وقد يجيء بمعنى الغسل على ما يجيء إن شاء الله تعالى والرؤس جمع رأس وهو جمع كثرة وجمع القلة أرؤس قوله * (وأرجلكم إلى الكعبين) * الأرجل جمع رجل والكعب فيه أقوال * الأول هو الناشز عند ملتقى الساق والقدم وأنكر الأصمعي قول الناس أنه في ظهر القدم نقله عنه الجوهري وقال الزجاج الكعبان العظمان الناتئان في آخر الساق مع القدم وكل مفصل للعظام فهو كعب إلا أن هذين الكعبين ظاهران عن يمنة القدم ويسرته فلذلك لم يحتج أن يقال الكعبان اللذان من صفتهما كذا وكذا وفي المخصص في كل رجل كعبان وهما طرفا عظمي الساق وملتقى القدمين قال ابن جني وقول أبي كبير * وإذا يهب من المنام رأيته * كرتوب كعب الساق ليس بزمل * يدل على أن الكعبين هما الناجمان في أسفل كل ساق من جنبيها وأنه ليس الشاخص في ظهر القدم وفي التهذيب للأزهري عن ثعلب الكعبان المنجمان الناتئان قال وهو قول أبي عمرو بن العلاء والأصمعي وفي كتاب المنتهى وجامع القزاز الكعب الناشر عند ملتقى الساق والقدم ولكل رجل كعبان الجمع كعوب وكعاب وقالت الإمامية وكل من ذهب إلى المسح أنه عظم مستدير مثل كعب الغنم والبقر موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم عند معقد الشراك وقال فخر الدين ابن الخطيب اختار الأصمعي قول الإمامية في الكعب وقال الطرفان الناتئان يسميان النجمين وهو خلاف ما نقله عنه الجوهري وحجة الجمهور لو كان الكعب ما ذكروه لكان في كل رجل كعب واحد فكان ينبغي أن يقول إلى الكعاب لأن الأصل أن ما يوجد من خلق الإنسان مفردا فتثنيته بلفظ الجمع كقوله تعالى * (فقد صغت قلوبكما) * وتقول رأيت الزيدين أنفسهما ومتى كان مثنى فتثنيته بلفظ التثنية فلما لم يقل إلى الكعاب علم أن المراد من الكعب ما أردناه * الثاني أنه شيء خفي لا يعرفه إلا المشرحون وما ذكرناه معلوم لكل أحد ومناط التكليف على الظهور دون الخفاء * الثالث حديث عثمان رضي الله تعالى عنه غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثم اليسرى كذلك أخرجه مسلم فدل على أن في كل رجل كعبين وحديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه في تسوية الصفوف فقد رأيت الرجل يلصق كعبه بكعب صاحبه ومنكبه بمنكبه رواه أبو داود والبيهقي بأسانيد جيدة والبخاري في صحيحه تعليقا ولا يتحقق إلصاق الكعب بالكعب فيما ذكروه وحديث طارق بن عبد الله أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده وقال حدثنا الفضل بن موسى عن يزيد بن زياد ابن أبي الجعد عن جامع بن شداد عن طارق بن عبد الله المحاربي رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق ذي المجاز وعليه جبة حمراء وهو يقول يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ورجل يتبعه ويرميه بالحجارة وقد أدمى عرقوبه وكعبيه وهو يقول يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب فقلت من هذا فقالوا هذا ابن عبد المطلب قلت فمن هذا الذي يتبعه ويرميه بالحجارة قالوا هذا عبد العزى أبو لهب وهذا يدل على أن الكعب هو العظم الناتىء في جانب القدم لأن الرمية إذا كانت من وراء الماشي لا تصيب ظهر القدم فإن قلت روى هشام بن عبد الله الرازي عن محمد بن الحسن رحمه الله أنه في ظهر القدم عند معقد الشراك قلت قالوا أن ذلك سهو عن هشام في نقله عن محمد لأن محمدا قال ذلك في مسألة المحرم إذا لم يجد النعلين حيث يقطع خفيه أسفل الكعبين وأشار محمد بيده إلى موضع القطع فنقله هشام إلى الطهارة وقال ابن بطال في شرحه قال أبو حنيفة الكعب هو العظم الشاخص في ظهر القدم ثم قال وأهل اللغة لا يعرفون ما قاله قلت هذا جهل منه بمذهب أبي
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»