وكذلك جميع الأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام ولا يتمثل بهم * (بيان استنباط الأحكام) الأول احتج أهل الظاهر بقوله ' ولاتكنوا ' على منع التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم مطلقا وبه قال الشافعي وقال الربيع قال الشافعي ليس لأحد أن يكتنى بأبي القاسم سواء كان اسمه محمد أم لم يكن وقال القاضي ومنع قوم تسميته الولد بالقاسم كيلا يكون سببا للتكنية ويؤيد هذا قوله فيه ' إنما أنا قاسم ' واخبر صلى الله عليه وسلم بالمعنى الذي اقتضى اختصاصه بهذه الكنية وقال قوم يجوز التكني بأبي القاسم لغير اسمه محمد وأحمد ويجوز التسمية بأحمد ومحمد ما لم يكن له كنيته بأبي القاسم وقد روى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ' من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي ' وأخرج الترمذي عن أبي هريرة ' نهى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يجمع بين اسمه وكنيته ' وذهب قوم إلى أن النهي منسوخ الإباحة في حديث علي وطلحة رضي الله عنهما وهو قول الجمهور من السلف والعلماء وسمت جماعة أبناءهم محمدا وكنوهم أبا القاسم قال المازري قال بعضهم النهي مقصور بحياة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ذكر أن سبب الحديث أن رجلا نادى يا أبا القاسم فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لم أعنك وإنما دعوت فلانا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ' تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي ' وبه قال مالك وجوزان يسمى بمحمد ويكنى بأبي القاسم مطلقا قلت أما الحديث الأول فأخرجه أبو داود وأما الثاني ففي الصحيحين وقيل أن سبب النهي أن اليهود تكنوا به وكانوا ينادون يا أبا القاسم فإذا التفت النبي صلى الله عليه وسلم قالوا لم نعنك اظهارا للايذاء وقد زال ذلك المعنى وأما الثالث فهو حديث علي رضي الله عنه فأخرجه أبو داود في سننه من حديث محمد بن الحنفية قال قال علي رضي الله عنه ' قلت يا رسول الله أن ولد لي من بعدك أنسميه باسمك ونكنيه بكنيتك قال نعم ' وقال أحمد بن عبد الله ثلاثة تكنوا بأبي القاسم رخص لهم محمد بن الحنفية ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن طلحة بن عبد الله وقال ابن جرير النهي في الحديث للتنزيه والأدب لا للتحريم. الثاني فيه التصريح بجواز التسمي باسمه. الثالث فيه أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق. الرابع أن الشيطان لا يتمثل بصورته * الخامس الكاذب عليه معد لنفسه النار * (الأسئلة والأجوبة) منها ما قيل أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم إذا كانت حقا فهل يطلق عليه الصحابي أم لا أجيب بلا إذ لا يصدق عليه حد الصحابي وهو مسلم رأى النبي عليه الصلاة والسلام إذا المراد منه لا رؤية المعهودة الجارية على العادة أو الرؤية في حياته في الدنيا لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو المخبر عن الله وهو إنما كان مخبرا عنه للناس في الدنيا لا في القبر. ومنها ما قيل الحديث المسموع عنه في المنام هل هو حجة يستدل بها أم لا أجيب بلا إذ يشترط في الاستدلال به أن يكون الراوي ضابطا عند السماع من النوم ليس حال الضبط. ومنها ما قيل حصول الجزم في نفس الرائي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم هل هو حجة أو أم لا أجيب بلا بل ذلك المرئي هو صورة الشارع بالنسبة إلى اعتقاد الرائي أو حاله أو بالنسبة إلى صفته أو حكم من أحكام الإسلام أو بالنسبة إلى الموضع الذي رأى فيه ذلك الرائي تلك الصورة التي ظن أنها صورة النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها ما قيل ما حقيقة الرؤيا أجيب بأنها ادراكات يخلقها الله تعالى في قلب العبد على يد الملك و الشيطان ونظيره في اليقظة الخواطر فإنها قد تأتي على نسق وقد تأتي مسترسلة غير محصلة فإذا خلقها الله تعالى على يد الملك كان وحيا وبرهانا مفهوما نقل هذا عن الشيخ أبي إسحاق وعن القاضي أبي بكر أنها اعتقادات قال الإمام أبو بكر بن العربي منشأ الخلاف بينهما نه قد يرى نفسه بهيمة أو ملكا أو طائرا وهذا ليس إدراكا لأنه ليس حقيقة فصار القاضي إلى أنها اعتقادات لان الاعتقاد قد يأتي على خلاف المعتقد قال ابن العربي ذهل القاضي عن أن هذا المرئي مثل فالإدراك إنما يتعلق بالمثل وقال أن الله يخلق في قلب النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان فهو تعالى يفعل ما يشاء فلا يمنعه من فعله نوم ولا يقظة فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه جعلها علما على أمور أخر يخلقها في ثاني الحال أو كان قد خلقها فإذا خلق في قلب النائم اعتقاد الطيران وليس بطائر فقصارى أمره أنه أعتقد أمرا على خلاف ما هو عليه فيكون ذلك الاعتقاد علما على غيره كما يخلق الله الغيم علما على المطر ويقال حقيقة الرؤيا ما ينزعه الملك الموكل عليها فإن الله تعالى قدر كل بالرؤيا ملكا يضرب من الحكمة الأمثال وقد اطلعه الله تعالى
(١٥٦)