وقال إسماعيل: عن أيوب عن عطاء، وقال عن ابن عباس: أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم.
إسماعيل هو ابن علية، وأيوب هو السختياني، وعطاء هو ابن أبي رباح، أراد بهذا التعليق أن إسماعيل روى عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس: أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم، بالجزم، لأن لفظة: أشهد، من كلام ابن عباس فقط. وكذا جزم به أبو داود الطيالسي في (مسنده)، وكذا قال وهيب عن أيوب: ذكره الإسماعيلي، وإنما قلنا: إنه تعليق، لأن البخاري لم يدرك إسماعيل بن علية، وهو مات في عام ولادة البخاري سنة أربع وتسعين ومائة. وقال الكرماني: ويحتمل أن يكون معنى قوله: (وقال إسماعيل) عطفا على: (قال: حدثنا شعبة)، فيكون المراد منه حدثنا سليمان قال: حدثنا إسماعيل، فيخرج عن التعليق. قلت: هذا لا يصح، لأن سليمان بن حرب لا رواية له عن إسماعيل أصلا، لا لهذا الحديث ولا لغيره، وقد أخرجه البخاري في كتاب الزكاة موصولا عن مؤمل بن هشام عن إسماعيل، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
33 ((باب الحرص على الحديث)) أي: هذا باب في بيان الحرص على تحصيل الحديث، والحديث في اللغة: الجديد، من حدث أمر أي: وقع، وهو من باب: نصر ينصر. ويقال: أخذني ما قدم وما حدث، لا يضم: حدث، في شيء من الكلام إلا في هذا الموضع، وذلك لمكان: قدم، على الازدواج. والحديث: الخبر يأتي على القليل والكثير، ويجمع على: أحاديث، على غير قياس. قال الفراء: ترى أن واحد الأحاديث أحدوثة، ثم جعلوه جمعا للحديث، وسمي حديثا لأنه يحدث منه الشيء بعد الشيء، والأحدوثة ما يتحدث به. وقوله تعالى: * (وجعلناهم أحاديث) * (المؤمنون: 44) أي: عبرا يتحدث بهلاكهم، والحدث، والحدثى مثل: بشرى والحادثة والحدثان كله بمعنى، والحدثان أيضا: الناس. والجمع: الحدثان بالكسر، والتركيب يدل على كون شيء لم يكن، والحديث في عرف العامة: الكلام، وفي عرف الشرع: ما يتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنه لوحظ فيه مقابلته للقرآن لأنه قديم وهذا حديث، والحديث ضد القديم، ويستعمل في قليل الكلام وكثيره، لأنه يحدث شيئا فشيئا كما ذكرنا.
فإن قلت: ما وجه المناسبة بين البابين؟ قلت: من حيث إن من المذكور في الباب الأول هو التعليم الخاص، وكذلك المذكور في هذا الباب هو التعليم الخاص، لأن النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، أجاب أبا هريرة فيما سأله بالخطاب إليه خاصة، والجواب عن سؤال من لا يعلم جوابه تعليم من المجيب، فافهم.
99 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثني سليمان عن عمرو بن أبي عمر و عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال: قيل: يا رسول الله! من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله، خالصا من قلبه أو نفسه).
(الحديث 99 طرفه في: 6570).
مطابقة الحديث للترجمة في قوله: (لما رأيت من حرصك على الحديث).
بيان رجاله:. وهم خمسة: الأول: عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أويس بن سعيد بن أبي سرح، بالمهملات، ابن حذيفة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ابن لؤي بن فهر، أبو القاسم القرشي العامري الأويسي المدني الفقيه، روى عنه البخاري، وروى أبو داود والترمذي عن رجل عنه، وروى البخاري في الإصلاح عن محمد بن عبد الله مقرونا بالفروي عنه عن محمد بن جعفر، قال أبو حاتم: مدني صدوق. وعنه قال: هو أحب إلي من يحيى بن بكير. الثاني: سليمان بن بلال، أبو محمد التيمي القريشي المدني، وقد مر ذكره. الثالث: عمرو بن أبي عمرو، بفتح العين وبالواو فيهما، وأبو عمرو اسمه: ميسرة، وعمرو يكنى أبا عثمان، وميسرة مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، بفتح المهملة وسكون النون وفتح المهملة وبالموحدة، المخزومي القرشي