عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٨٥
على أن التاء أصل لأنه يكون فعللان كعقرباب ولم يأت فعللان وفي الصحاح والجمع التراجم مثل زعفران وزعافر ولك أن تضم التاء كضمة الجيم ويقال الترجمان هو المعبر عن لغة بلغة وهو معرب وقيل عربي والتاء فيه أصلية وأنكر على الجوهري قوله أنها زائدة وتبعه ابن الأثير فقال في نهايته والتاء والنون زائدتان قوله فإن كذبني بالتخفيف من كذب يكذب كذبا وكذبا وكذبة وفي العباب وأكذوبة وكاذبة ومكذوبا ومكذوبة وزاد ابن الأعرابي مكذبة وكذبانا مثل غفران وكذبى مثل بشرى فهو كاذب وكذاب وكذوب وكيذبان وكيذبان ومكذبان وكذبة مثل تؤدة وكذبذب وكذبذبان بالضمات الثلاث ولم يذكر سيبويه فيما ذكر من الأمثلة وكذبذب بالتشديد وجمع الكذوب كذب مثال صبور وصبر ويقال كذب كذابا بالضم والتشديد أي متناهيا وقرأ عمر بن عبد العزيز * (وكذبوا بآياتنا كذابا) * ويكون صيغة على المبالغة كوضاء وحسان والكذب نقيض الصدق ثم معنى قوله فإن كذبني أي نقل إلى الكذب وقال لي خلاف الواقع وقال التيمي كذب يتعدى إلى المفعولين يقال كذبني الحديث وكذا نظيره صدق قال الله تعالى * (لقد صدق الله رسوله الرؤيا) * وهما من غرائب الألفاظ ففعل بالتشديد يقتصر على مفعول واحد وفعل بالتخفيف يتعدى إلى مفعولين قوله من أن يأثروا بكسر الثاء المثلثة وضمها من أثرت الحديث بالقصر آثره بالمد وضم المثلثة وكسرها أثرا ساكنة الثاء حدثت به ويقال أثرت الحديث أي رؤيته ومعناه لولا الحياء من أن رفقتي يروون عني ويحكون في بلادي عني كذبا فأعاب به لأن الكذب قبيح وإن كان على العدو لكذبت * ويعلم منه قبح الكذب في الجاهلية أيضا. وقيل هذا دليل لمن يدعي أن قبح الكذب عقلي وقال الكرماني لا يلزم منه لجواز أن يكون قبحه بحسب العرف أو مستفادا من الشرع السابق. قلت بل العقل يحكم بقبح الكذب وهو خلاف مقتضى العقل ولم تنقل إباحة الكذب في ملة من الملل قوله لكذبت عنه أي لأخبرت عن حاله بكذب لبغضي إياه ولمحبتي نقصه قوله قط فيها لغتان أشهرهما فتح القاف وتشديد الطاء المضمومة قال الجوهري معناها الزمان يقال ما رأيته قط قال ومنهم من يقول قط بضمتين وقط بتخفيف الطاء وفتح القاف وضمها مع التخفيف وهي قليلة قوله فأشراف الناس أي كبارهم وأهل الإحسان وقال بعضهم المراد بالأشراف هنا أهل النخوة والتكبر منهم لا كل شريف حتى لا يرد مثل أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأمثالهما ممن أسلم قبل هذا السؤال. قلت هذا على الغالب وإلا فقد سبق إلى أتباعه أكابر أشراف زمنه كالصديق والفاروق وحمزة وغيرهم وهم أيضا كانوا أهل النخوة والأشراف جمع شريف من الشرف وهو العلو والمكان العالي وقد شرف بالضم فهو شريف وقوم شرفاء وأشراف وقال ابن السكيت الشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء والحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له أبا وقال ابن دريد الشرف علو الحسب قوله سخطة بفتح السين وهو الكراهة للشيء وعدم الرضى به وقال بعضهم سخطة بضم أوله وفتحه وليس بصحيح بل السخطة بالتاء إنما هي بالفتح فقط والسخط بلا تاء يجوز فيه الضم والفتح مع أن الفتح يأتي بفتح الخاء والسخط بالضم يجوز فيه الوجهان ضم الخاء معه وإسكانها وفي العباب السخط والسخط مثال خلق وخلق والسخط بالتحريك والمسخط خلاف الرضى تقول منه سخط يسخط أي غضب وأسخطه أي أغضبه وتسخط أي تغضب وفي بعض الشروح والمعنى أن من دخل في الشيء على بصيرة يمتنع رجوعه بخلاف من لم يدخل على بصيرة ويقال أخرج بهذا من ارتد مكرها أو غير مكره لا لسخط دين الإسلام بل لرغبة في غيره لحظ نفساني كما وقع لعبد الله بن جحش قوله يغدر بكسر الدال والغدر ترك الوفاء بالعهد وهو مذموم عند جميع الناس قوله سجال بكسر السين وبالجيم وهو جمع سجل وهو الدلو الكبير والمعنى الحرب بيننا وبينه نوب نوبة لنا ونوبة له كما قال الشاعر * فيوم علينا ويوم لنا * ويوم نساء ويوم نسر * والمساجلة المفاخرة بأن تصنع مثل صنعه في جري أو سعي قوله ينال أي يصيب من نال ينال نيلا ونالا قوله ويأمرنا بالصلاة أراد بها الصلاة المعهودة التي مفتتحها التكبير ومختمها التسليم قوله والصدق وهو القول المطابق للواقع ويقابله الكذب قوله والعفاف بفتح العين الكف عن المحارم وخوارم المروءة وقال صاحب المحكم العفة
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»