عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٢٨٧
وينبغي أن يكون فعل الشرط سببا لوقوع الجزاء كما تقول في إن جئتني أكرمتك فإن المجيء هو السبب للاكرام وعدمه سبب لعدمه وههنا عدم رؤية العبد ليست بسبب لرؤية الله تعالى يراه سواء وجدت من العبد رؤية أولم توجد فإن قلت ما الفاء في قوله فإن قلت للتعليل على ما لا يخفى قوله ' متى الساعة ' جملة اسمية وقعت مقول القول وفي بعض النسخ فمتى فإن صحت فالفاء فيها زائدة قوله ' ماالمسؤل ' كلمة ما بمعنى ليس وقوله بأعلم خبرها وزيدت فيها الباء لتأكيد معنى النفي قوله ' وسأخبرك ' السين هنا لتأكيد الوعد بالإخبار كما في قوله تعالى * (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) * ومعنى السين إن ذلك كائن لا محالة وإن تأخر إلى حين قوله ' إذا ولدت الأمة ' إنما قال إذا ولم يقل أن لان الشرط محقق الوقوع فجاء بلفظ إذا التي للجزم بوقوع مدخولها فلهذا يصح أن يقال إذا قامت القيامة كان كذا ولا يصح أن يقال إن قامت القيامة كان كذا فإن قلت أين الجزاء قلت هو محذوف تقديره إذا ولدت الأمة فهي أي الولادة من أشراطها وقال الكرماني وإذا ظهر أن تكون إذا متمحضة لمجرد الوقت ي وقت الولادة ووقت التطاول قلت هذا تقدير ناقص والمعنى الصحيح عندي كون إذا لمجرد الوقت أي وقت الولادة ووقت التطاول قلت هذا تقدير ناقص والمعنى الصحيح عندي كون إذا لمجرد الوقت وأن يقدر مبتدأ محذوف والتقدير وسأخبرك عن اشراطها هي وقت ولادة الأمة ربها ووقت تطاول الرعاء في البنيان قوله ' رعاة الإبل ' كلام إضافي مرفوع لأنه فاعل تطاول وقوله ' البهم ' روى بالرفع على أنه صفة للرعاة أي الرعاة السود وقال الخطابي معناه الرعاة المجهولون الذين لا يعرفون جمع ابهم ومنه ابهم الأمر فهو مبهم إذا لم تعرف حقيقته وروى بالجر على أنه صفة للإبل أي رعاة الإبل السود قالوا وهي شرها كما ذكرناه عن قريب قوله ' في البنيان ' يتعلق بقوله تطاول قوله ' في خمس ' في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره علم وقت الساعة في جملة خمس وقوله ' لا يعلمهن إلا الله ' صفة لخمس ومحلها الجر أو التقدير هي في خمس من الغيب كما جاء في رواية عطاء الخراساني ' هي في خمس من الغيب لا يعلمها إلا الله ' قوله ' الآية ' يجوز فيه الرفع على تقدير أن يكون مبتدأ محذوف الخبر أي الآية مقروء إلى آخرها والنصب على تقدير أن يكون مفعولا لفعل مقدر أي اقرأ الآية ة والجر على تقدير إلى الآية أي إلى مقطعها وتمامها وفيه ضعف لا يخفي قوله ' هذا جبريل ' جاء مثل قولك هذا ويد قام قوله ' يعلم الناس ' جملة وقعت حالا فإن قلت لم يكن معلما وقت المجىء فكيف يكون حالا قلت هذه حال مقرة كما في قوله تعالى * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * (بيان المعاني) * قوله ' فأتاه رجل ' قد ذكرنا في حديث عمر في رواية مسلم (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم غذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي عليه السلام فاسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام ' الحديث والضمير في فخذيه يعود على النبي عليه السلام وقال النووي على فخذي نفسه يعني نفس جبريل عليه السلام وأعاد الضمير إليه وتبعه على ذاك التوربشتي شارح المصابيح وليس كذلك بل الضمير يعود على النبي عليه السلام كما ذكرنا والدليل على ذلك ما جاء في روية سليمان التيمي ' ثم وضع يديه على ركبتي النبي ' وبه جزم البغوي وإسماعيل التيمي ورجحه الطيبي من جهة البحث والظاهر أنه لم يقف على رواية سليمان فلذلك رجحه من جهة البحث ونظر النووي في ما قاله التنبيه على أنه جلس كهيئة المتعلم بين يدي من يتعلم منه لاقتضاء باب الأدب ذلك ولكن على رواية سليمان إنما فعل جبريل ذلك لزيادة المبالغة في تعمية أمره ليقوى ظن الحاضربن أنه من جفاة الأعراب ولهذا تخطى الناس حتى انتهى إلى النبي عليه السلام كما ذكرنا نافي رواية سليمان التيمي ولهذا استغربت الصحابة رضي الله عنهم صنيعة لأنه ليس من أهل البلد وجاء ماشيا ليس له أثر السفر فإن قيل كيف عرف عمر رضي الله عنه أنه لم يعرفه أحد قيل من قول الحاضرين كما في رواية عثمان بن عفان فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقالوا ما نعرف قوله ' أن تؤمن بالله ' الإيمان بالله هو التصديق بوجوده تعالى وأنه لا يجوز عليه العدم وأنه تعالى موصوف بصفات الجلال والكمال من العلم والقدرة الإرادة والكلام والسمع والبصر والحياة وأنه تعالى منزه عن صفات النقص التي عي اضداد تلك الصفات وعن صفات الإجسام والمثحيزات وأنه واحد حق صمج فرد خالق جميع المخلوقات متصرف فيها بما شاء من التصرفات يفعل في ملكه ما يريد ويحكم في خلقه.
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»