مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أن رجلا من اليهود قال له يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال أي آية قال * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * قال عمر قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة.
.
أخرج هذا الحديث ههنا لأنه في بيان سبب نزول الآية التي هي من جملة الترجمة وهي قوله تعالى: * (اليوم أكملت لكم دينكم) * (المائدة: 3) الآية.
بيان رجاله: وهم ستة الأول: الحسن أبو علي بن الصباح، بتشديد الباء الموحدة، ابن محمد البزار، بزاي بعدها راء الواسطي، سكن بغداد، قالوا: كان من خيار الناس، وقال أحمد بن حنبل: ثقة صاحب سنة، وما يأتي عليه يوم إلا وهو يفعل فيه خيرا، روى عنه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وروى الترمذي عن رجل عنه، توفي ببغداد سنة ستين ومائتين فيما ذكر محمد بن طاهر وابن عساكر، وقال محمد بن سرور المقدسي والكلاباذي: توفي سنة تسع وأربعين ومائتين، فعلى القول الأول تكون وفاته قبل البخاري لأن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين. الثاني: جعفر بن عون بن جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي أبو عون، قال ابن معين: هو ثقة، وقال أحمد: رجل صالح ليس به بأس، توفي بالكوفة سنة سبع ومائتين، روى له الجماعة. الثالث: أبو العميس بضم العين المهملة وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة، واسمه عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي الكوفي أخو عبد الرحمن، قال يحيى وأحمد: ثقة، توفي سنة عشرين ومائة، روى له الجماعة. الرابع: قيس بن مسلم، أبو عمرو الجدلي الكوفي العابد، سمع طارق بن شهاب ومجاهدا وغيرهما، وعنه الأعمش ومسعر وغيرهما، مات سنة عشرين ومائة. الخامس: طارق بن شهاب بن عبد شمس بن سلمة بن هلال بن عوف بن جشم بن ظفر بن عمرو بن لؤي بن رهم بن معاوية بن أسلم بن أخمس، بطن من بجيلة، صحابي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأدرك الجاهلية وغزا في خلافة أبي بكر وعمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، ثلاثا وأربعين من بين غزوة وسرية، روى عن الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة، سكن الكوفة، توفي سنة ثلاث وعشرين ومائة، أخرج له البخاري عن أبي بكر وابن مسعود، ومسلم عن أبي سعيد، وأبو داود والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا ذكر الشيخ قطب الدين وفاته، وهو وهم، نبه عليه المزي والذين قالوا في وفاته: هو سنة ثلاث وثمانين، وقيل: سنة اثنتين، وقيل: سنة أربع، وقال أبو داود: رأى طارق النبي عليه السلام ولم يسمع منه شيئا. قلت: بجيلة، بفتح الباء الموحدة وكسر الجيم، هي أم ولد أنمار بن أراش، وهي بنت صعب بن العشيرة. السادس: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
بيان لطائف اسناده: منها: أن فيه التحديث والإخبار والعنعنة، ومنها: أن فيه رواية صحابي عن صحابي. ومنها: أن ثلاثة منهم كوفيون.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن محمد بن يوسف، وفي التفسير عن بندار عن ابن مهدي كلاهما عن سفيان الثوري، وفي الاعتصام عن الحميدي عن سفيان بن عيينة عن مسعر وغيره، كلهم عن قيس بن مسلم عن طارق. وأخرجه مسلم في آخر الكتاب عن زهير بن حرب ومحمد بن المثنى كلاهما عن ابن مهدي به، وعن عبد بن حميد عن جعفر بن عون به، وعن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب كلاهما عن عبد الله بن إدريس عن أبيه عن قيس بن مسلم. وأخرجه الترمذي في التفسير عن ابن أبي عمر عن سفيان بن عيينة، وقال: حسن صحيح. وأخرجه النسائي في الحج عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الله بن إدريس به، وفي الإيمان عن أبي داود الحراني عن جعفر بن عون به.
بيان اللغات: قوله: (من اليهود)، هو علم قوم موسى، عليه السلام، وفي (العباب): اليهود اليهوديون، ولكنهم حذفوا ياء الإضافة كما قالوا: زنجي وزنج، ورومي وروم، وإنما عرف على هذا الحد. فجمع على قياس شعيرة وشعير. ثم عرف الجمع بالألف واللام، ولولا ذلك لم يجز دخول الألف واللام، لأنه معرفة مؤنث يجري في كلامهم مجرى القبيلة، ولم يجر كالحي انتهى. وسموا به