عنده الوقوف على معنى التصحيف كان يقول أولا مثل هذا لا يسمى تصحيفا، وإنما يقال مشكل كما قاله النووي أو نحو ذلك لان التصحيف هو أن يتصحف لفظ بلفظ، وهذا ليس كذلك، وقال الصغاني، رحمه الله: التصحيف الخطأ في الصحيفة، يقولون: تصحف عليه لفظ كذا فعرفت أن من لم يعرف معنى التصحيف كيف يجيب عنه بالتحريف.
40 حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا زهير قال حدثنا أبو إسحاق عن البراء أن النبى صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده أو قال أخواله من الأنصار وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة فداروا كما هم قبل البيت وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك.
.
مطابقة الحديث للآية التي هي احدى الترجمتين ظاهرة، ولكن لا تطابق لصدر الحديث الذي هو: إحدى روايتي زهير عن أبي إسحاق لقول صلى الله عليه وسلم: (الصلاة من الايمان). وقول النووي في الحديث فوائد: منها ما ترجم له، وهو كون الصلاة من الإيمان إشارة إلى آخر الحديث الذي هو الرواية الثانية لزهير عن أبي إسحاق.
بيان رجاله: وهم أربعة: الأول: أبو الحسن عمرو، وبفتح العين وسكون الميم، ابن خالد بن فروخ بن سعيد بن عبد الرحمن بن واقد ابن ليث بن واقد ابن عبد الله الحنظلي الجزري الحراني، سكن مصر، وروى عن الليث وأبي لهيعة وغيرهما، وروى عنه البخاري، وانفرد به وأبو زرعة وغيرهما، وروى ابن ماجة عن رجل عنه، قال أبو حاتم: صدوق. وقال العجلي: مصري ثبت ثقة، مات بمصر سنة تسع وعشرين ومائتين، ووقع في رواية القابسي عن عبدوس عن ابن زيد المروزي، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني عمر بن خالد، بضم العين وفتح الميم، وهو تصحيف نبه عليه أبو علي الغساني وغيره، وليس في شيوخ البخاري من اسمه عمر بن خالد، ولا في رجاله كلهم، بل ولا رجال الكتب الستة، ولهم: عمرو بن خالد الواسطي المتروك، أخرج له ابن ماجة وحده وعمرو بن خالد الكوفي منكر الحديث. الثاني: زهير، بصيغة التصغير، بن معاوية بن حديج، بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وبالجيم، بن الرحيل، بضم الراء وفتح الحاء المهملة، ابن زهير بن خيثمة، بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الثاء المثلثة، ويكنى بأبي خيثمة الجعفي الكوفي، سكن الجزيرة، سمع السبيعي وحميد الطويل وغيرهما من التابعين وخلقا من غيرهم، وعنه يحيى القطان وجمع من الأئمة، واتفقوا على جلالته وحسن لفظه واتقانه، قال أبو زرعة: هو ثقة إلا أنه سمع من أبى إسحاق بعد الاختلاط، توفي سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين ومائة، وكان قد فلج قبله بسنة ونصف أو نحوهما، روى له الجماعة. الثالث: أبو إسحاق عمرو بن عبد الله بن علي، وقيل: عمرو بن عبد الله بن ذي يحمد الهمداني السبيعي الكوفي التابعي الجليل الكبير المتفق على جلالته وتوثيقه، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، رضي الله عنه، ورأى عليا وأسامة والمغيرة، رضي الله عنهم، ولم يصح سماعه منهم، وسمع ابن عباس وابن عمر وابن الزبير ومعاوية وخلقا من الصحابة وآخرين من التابعين، وعنه التيمي وقتادة والأعمش وهم من التابعين، والثوري وهو أثبت الناس فيه، وخلق من الأئمة. قال العجلي: سمع ثمانية وثلاثين من الصحابة، وقال ابن المديني: روى عن سبعين أو ثمانين لم يرو عنهم غيره، مات سنة ست، وقيل: سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وعشرين ومائة. روى له الجماعة. الرابع: البراء، بتخفيف الراء وبالمد على المشهور، وقيل: بالقصر، وهو أبو عمارة، بضم العين، ويقال: أبو عمرو، ويقال: أبو الطفيل بن عازب بن الحارث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن الحارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمر بن أوس الأنصاري الأوسي، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلمثلاثمائة حديث وخمسة أحاديث،