عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ١٩٢
مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال أو مسلما ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي فقلت مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال أو مسلما ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار.
.
(الحديث 27 طرفه في: 1478).
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، وهي أن الاسلام إن لم يكن على الحقيقة لا يقبل، فلذلك قال عليه السلام: (أو مسلما) لأن فيه النهي عن القطع بالإيمان لأنه باطن لا يعلمه إلا الله، والإسلام معلوم بالظاهر. وقال بعضهم: مناسبة الحديث للترجمة من حيث إن المسلم يطلق على من أظهر الإسلام، وإن لم يعلم باطنه. قلت: ليست المناسبة إلا ما ذكرناه، فإن موضوع الباب ليس على إطلاق المسلم على من يظهر الإسلام على ما لا يخفى.
(بيان رجاله:) وهم خمسة. الأول: أبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي. الثاني: شعيب بن أبي حمزة الأموي. الثالث: محمد بن مسلم الزهري. الرابع: عامر بن سعد بن أبي وقاص القرشي الزهري، سمع أباه وعثمان وجابر بن سمرة وجماعة من الصحابة، روى عنه سعد بن المسيب وسعد بن إبراهيم والزهري وآخرون، وكان ثقة كثير الحديث، مات سنة ثلاث أو أربع ومائة بالمدينة، روى له الجماعة. الخامس: أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص، بالقاف المشددة، من الوقص وهو الكسر، واسمه مالك بن وهيب، ويقال: أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي، أحد العشرة المبشرة بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أمر الخلافة إليهم، وأمه حمنة بنت سفيان أخي حرب، وأخوته بني أمية ابن عبد شمس، يلتقي سعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلاب، وهو الأب الخامس، أسلم قديما وهو ابن اربع عشرة سنة بعد أربعة، وقيل بعد ستة، وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد، وكان مجاب الدعوة، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من أراق دما في سبيل الله، وكان يقال له: فارس الاسلام، وكان من المهاجرين الأولين، هاجر إلى المدينة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليها، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائتا حديث وسبعون حديثا، اتفقا منها على خمسة عشر وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بثمانية عشر، روى له الجماعة، وهو الذي فتح مدائن كسرى في زمن عمر، رضي الله عنه، وولاه عمر العراق وهو الذي بنى الكوفة، ولما قتل عثمان، رضي الله عنه اعتزل سعد الفتن، ومات بقصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة سنة سبع وخمسين وقيل خمس وهو ابن بضع وسبعين سنة، وحمل إلى المدينة على أرقاب الرجال، وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة، ودفن بالبقيع وهو آخر العشرة موتا، وعن محمد بن سعد عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقال: هذا خالي فليرني امرؤ خاله، وذلك أن أمه، عليه السلام، آمنة بنت وهب بن عبد مناف وسعد هو ابن مالك بن وهيب أخي وهب ابني عبد مناف، وفي الصحابة من اسمه سعد فوق المائة. والله أعلم.
بيان لطائف اسناده منها: ان فيه التحديث والإخبار والعنعنة. ومنها: ان فيه ثلاثة زهريين مدنيين. ومنها: ان فيه ثلاثة تابعين يروي بعضهم عن بعض: ابن شهاب وعامر وصالح، وصالح أكبر من ابن شهاب لأنه أدرك ابن عمر، رضي الله عنهما. ومنها: ان فيه رواية الأكابر عن الأصاغر. ومنها: ان قوله: عن سعد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم، هكذا هو هنا ووقع في رواية الإسماعيلي: عن سعد هو ابن أبي وقاص.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: اخرجه البخاري ههنا عن أبي اليمان عن شعيب، وأخرجه في الزكاة عن محمد بن عزيز حدثنا يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن صالح، كلاهما عن الزهري به عن عامر. وأخرجه مسلم في الإيمان والزكاة، عن ابن عمر وعن سفيان عن الزهري، وعن زهير عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن صالح، كلهم عن الزهري به، وفي الزكاة عن إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد أنبأنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، وأخرجه أبو داود ايضا من طريق معمر، وقد اعترض على مسلم في بعض طرق هذا الحديث في قوله: عن سفيان عن الزهري به ورواه الحميدي، وسعيد بن عبد الرحمن، ومحمد بن الصباح الجرجراي، كلهم عن سفيان عن معمر عن الزهري به، وهذا هو المحفوظ عن سفيان ذكره الدارقطني في الاستدراكات على مسلم، وأجاب النووي بأنه يحتمل ان سفيان سمعه من الزهري مرة
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»