وقد اتفق المسلمون في الصدر الأول وفى عصر التابعين على صحة الرجوع إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام، واستغنت الامامية من بين المسلمين بسبب الرجوع إليهم والاخذ برواياتهم وعلومهم، عن الاعتماد على القياس والاستحسان باعتبار أن الأحاديث المروية بطرقهم الصحيحة عن أئمتهم عن آبائهم عن النبي صلى الله عليه وآله قد أحاطت بأحكام جميع الوقائع، حيث إنهم لم يدعوا واقعة الا وقد بينوا حكمها، وذلك ما نراه ونلمسه فيما رواه عنهم جماهير من الثقات في كل طبقة، وأقوالهم محفوظة في كتب الحديث المؤلفة من عصورهم المتعاقبة حتى وقتنا هذا.
والى ذلك يرجع الفضل كله في سعة دائرة فقه الشيعة واستغنائهم عن استعمال القياس وغيره من الطرق المخترعة في استنباط الأحكام الشرعية ، فلا تجد فيهم من يقول برأيه ولا من يعمل بالقياس، وما ذلك الا لأنهم أخذوا العلم من منهله الصافي وطلبوه من معينه الفياض، وولجوا فيه من الأبواب التي فتحها الله تعالى لهم، ومن هنا قيل فيهم:
إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهبا * وتعلم أن الناس في نقل اخبار فوال أناسا قولهم وحديثهم * روى جدنا عن جبرئيل عن الباري وفيهم أيضا يقول الشاعر كما في رشفة الصادي ص 122:
ان كنت تمدح قوما * لله من غير علة