حقا أن شمس العلماء.. في أسلوبه وبيانه الممتنع الجزل المفيد الوجيز، ليعكس في أذهاننا جميع عباراته، ببراعة الخالد الذي لا ينسى وقعه ولا يمحى أثره.
والغريب الذي لمسته في شخصيته الفكرية خلال اشتغالي بتحقيق كتابه هذا.. وفور معلوماته وكثرة محفوظاته، وعلمه بكافة التصانيف، وحفظه بما في الكتب من البحوث وكأن الله سبحانه.. أودع في ذاكرته خلاصة مكتبات، وخميرة آلاف التصانيف، فلا غرابة بعد هذا إذا قال عنه السيد الأمين: إمام في الرجال، والحديث، واسع التتبع، كثير الاطلاع، قوي الحافظة، لا يكاد يسأله أحد عن مطلب إلا ويحيله إلى مظانه من الكتب، مع الإشارة إلى عدد الصفحات، وكان أحد الأساطين والمراجع في الهند (1).
هذا بالإضافة إلى حيوية أسلوبه، وبيانه الذي لا يزال رطبا غضا، كأنه لم يكتبه قبل نصف قرن أو أكثر.. بل كأنه كتبه في هذه الأيام والساعات، لأنه لا يزال قرعة للأسماع شديدا، ووقعه في النفوس بليغا، مع أنه مضى على أكثر من ستين عاما، سلفت فيها أمم، وتعاقبت شعوب ودول، وتغيرت ظروف وأحوال، ولكن أسلوبه الرصين الخالد الذي استعمله لخدمة دينه، وأمته، وعقيدته، وشريعته، وبني قومه، لم يتبدل ولم يتغير لأنه استمده من روحه وقلبه، ومن فكره وإخلاصه، وعقله المستخمر بحب الإمام أمير المؤمنين (ع) والأئمة الهداة من ولده.
ويجب أن يكون هكذا.. ولا غرابة إذا كان هكذا.. لأنه من ذرية علي (ع) والصديقة الكبرى فاطمة (ع) درس وتخرج على مدرسة الإمام أمير المؤمنين (ع) النجف الأشرف، وقد قلت في فصول كتاب صدر لي:
لأبناء فاطمة الزهراء.. وذريتها المتفرعة من تلك الشجرة الطيبة الواردة في القرآن الكريم.. والتي أصلها ثابت وفرعها في السماء.. روح وثابة إلى الحق