المقدمة:
في طوايا التاريخ على امتداده، يجد الباحث والمتتبع، رجالا وعباقرة غيروا مسير التاريخ بعلمهم، وفنهم، واقتادوا الشعوب إلى شواطئ المجد والخلود، وجداول الحق والواقع، وأوقفوهم على المهيع القويم، والسراط المستقيم.
نستوقف على نفر من الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه، ولا يخشون أحد إلا الله وكفى بالله حسيبا (1) ويدفعون الأمة إلى قمة الإنسانية، والتكامل، وفي أيديهم قبس من تلك الحرائق التي يشعلها الأنبياء، أضواء هداية على الطرق، وزيتها من دمهم الذي يتوهج زيتا، لا أكرم في الزيوت ولا أضوأ في الإنارة، ويقودون الأشرعة التائهة في اليم.. والقافلة الضالة الحائرة في البيداء.. إلى موانئ السلامة، وسواء السبيل والهداية.
يجد الباحث ببطن التاريخ صور الذين كانوا على امتداد التاريخ في الشموخ مشاعل وهاجة، ومنارات شاهقة، حادوا قافلة الجهاد الفكري، في ظروف قاسية.. في الأسار، وقبضة الارهاب والبطش التي كانت تلاحق كل من همس بإيمانه، ناهيك عن الهتاف بعقيدته، وإعلانها على رؤوس الأشهاد.
في ظروف حالكة وعهود قاتمة.. والسلطة الحاكمة فيها قيد في الأيدي، وعلى الأفواه والسجون والمنافي جعلت بيوتا ومأوى للفقهاء والعلماء والشعراء، برغم هذا التعسف كله تعمل نفر منهم جاهدة لإبادة الجهل والكفر والباطل،