إفحام الأعداء والخصوم - السيد ناصر حسين الهندي - الصفحة ٦٣
فوق رأسه حزمة من الحطب، وعلى أذنه مثلها، وما منهما إلا في عزة لا تبلغ من سعيه، والله ما كان العاص بن وائل يرضى أن يلبس الديباج مزورا بالذهب.
قال له محمد: اسكت، والله عمر خير منك، وأما أبوك وأبوه ففي النار، والله لولا الزمان الذي سبقه فيه لا ألفيت معقل شاة يسرك غزوها، ويسرك بكاؤها، فقال عمرو: هي عندك بأمانة الله فلم يخبر بها عمر (1).
وهذه المنازعة العجيبة، والمشاجرة الغريبة قد ذكرها ابن أبي الحديد المدائني، في شرح نهج البلاغة أيضا وتلك ألفاظه.
وكتب عمر إلى عمرو بن العاص وهو عامل في مصر:
أما بعد: فقد بلغني إنه قد ظهر لك مال من إبل وغنم وخدم وغلمان، ولم يكن لك قبله مال، ولا ذلك من رزقك، فأنى لك هذا، ولقد كان لي من السابقين الأولين من هو خير منك، ولكني استعملتك لغنائك، فإذا كان عملك لك وعلينا فبما نؤثرك على أنفسنا؟ فاكتب إلي من أين مالك، وعجل والسلام (2).
فكتب إليه عمرو بن العاص:
قرأت كتاب أمير المؤمنين ولقد صدق، فأما ما ذكره من مالي فإني قدمت بلدة الأسعار فيها رخيصة، والغزو فيها كثير، فجعلت فضول ما حصل لي من ذلك فيما ذكره أمير المؤمنين، والله يا أمير المؤمنين لو كانت خيانتك لنا حلالا ما خناك ائتمنتنا، فاقصر عنا عناك، فإن لنا أحسابا إذا رجعنا إليها أعنتنا عن العمل لك، وأما من كان لك من السابقين الأولين فهلا استعملتهم، فوالله ما دققت لك بابا -.

(1) ابن أبي الحديد (1) 57.
(2) جمهرة رسائل العرب (1): 204.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»