آخره فهو من الأكاذيب الواضحة والبهتانات الفاضحة وقد تكلمنا عليه في باب رد كلام ابن سعد بالتفصيل الجميل وأظهرنا ما في سند هذا الخبر السقيم العليل، ومتنه المهين الضئيل، وجعلنا كيدا الكائدين في تضليل.
ومما يتعجب منه كل ناقد ذي بصر أن ابن حجر عمي عن كون أنسي بن عياض مقدوحا مجروحا مطعونا مفضوحا، وقد ذكر ابن حجر بنفسه في التهذيب قدح أنس بن عياض عن مالك بن أنس صاحب المذهب المشهور، وأيضا نقل قدحه عن أبي داود الحافظ المزيل بن المقبول والمهجور.
وأعجب من ذلك كله، أن ابن حجر قد ذكر في التهذيب: إن ابن سعد الراوي لهذا الخبر الموضوع عن أنس بن عياض، قد قدح بنفسه في أنس بن عياض هذا، وقال فيه: إنه كان كثير الخظأ فما أدري كيف أجرئ ابن سعد أن يذكر هذا الكذب عن هذا الرجل الكثير الخطأ، وكيف استحل ابن حجر أن يذكر هذا البهت الذي رواه ابن سعد عن هذا الخاطئ الذي هو أقر بكونه كثير الخطأ، وكيف ساغ له أن يذكر هذا الخبر المصنوع، والإفك الموضوع الذي اختلقه أنس بن عياض، وينقله عن ابن سعد، ويكفي أن ابن سعد قد قدح فيه بنفسه، وذكر ابن حجر هذا القدح في التهذيب بنفسه مع قدح غيره من الأكابر في أنس بن عياض، هل هذا إلا صنيع من دخل في غمار الجهل وخاض.
وإن أردت أن تقف على ما في متن هذا الخبر الموهون من المعائب والطعون فليرجع إلى ما ذكرنا في رد كلام ابن سعد من هذا الكتاب، والله الهادي إلى منهج الرشاد، ومهيع الصواب.
أما ما ذكره ابن حجر من خبر المهر المنقول عن عطاء الخراساني، فهو أيضا من الأكاذيب التي نسبوها إلى الثاني، وقد ذكرنا بطلانه سندا ومتنافي رد كلام ابن سعد في الباب المشار إليه آنفا.
ومما يعجب كل خبير ذي نظر إن ابن حجر غض بصره عن سند هذا الخبر، لأنه رواه ابن سعد في الطبقات عن وكيع بن الجراح عن هشام بن سعد عن عطاء