أدب الضيافة - جعفر البياتي - الصفحة ١٥٩
إليهما وأكرمهما وأجلسهما في صدر مجلسه، وجلس بين أيديهما، ثم أمر بطعام فأحضر فأكلا منه، ثم جاء قنبر بطست وإبريق خشب ومنديل ليبس، وجاء ليصب على يد الرجل ماءا، فوثب أمير المؤمنين " عليه السلام " وأخذ الإبريق ليصب على يد الرجل، فتمرغ الرجل في التراب وقال: يا أمير المؤمنين! الله يراني وأنت تصب على يدي؟! قال: اقعد واغسل يدك، فإن الله " عز وجل " يراك وأخوك الذي لا يتميز منك ولا ينفصل عنك يخدمك، يريد بذلك في خدمته في الجنة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا، وعلى حسب ذلك في مماليكه فيها. فقعد الرجل، فقال له علي " عليه السلام ": أقسمت عليك بعظيم حقي الذي عرفته ونحلته، وتواضعك لله حتى جازاك عنه، بأن تدنيني لما شرفك به من خدمتي لك لما غسلت مطمئنا كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبرا. ففعل الرجل ذلك، فلما فرغ ناول الإبريق محمد بن الحنيفة (1) وقال: يا بني! لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت على يده، ولكن الله " عز وجل " يأبى أن يسوي بين ابن وأبيه إذا جمعهما مكان، لكن قد صب

(1) هو أبن أمير المؤمنين " عليه السلام ".
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست