ثم اتفق أن رسول الله صلى الله عليه وآله سد باب أبيها إلى المسجد، وفتح باب صهره (79)، ثم بعث أباها ببراءة إلى مكة، ثم عزله عنها بصهره (80)، فقدح ذلك أيضا في نفسها، وولد لرسول الله إبراهيم من مارية، فأظهر علي بذلك سرورا كثيرا، وكان يتعصب لمارية، ويقوم بأمرها عند رسول الله صلى الله عليه وآله ميلا على غيرها، وجرت لمارية نكبة، فبرأها علي منها، وكشف بطلانها، أو كشفه الله على يده، وكان ذلك كشفا محسا بالبصر، لا يتهيأ للمنافقين أن يقولوا فيه ما قالوه في القرآن المنزل ببراءة عائشة، وكل ذلك مما يوغر صدر عائشة عليه، ويؤكد ما في نفسها منه، ثم مات إبراهيم، فأبطنت شماتة، وإن أظهرت كآبة، ووجم علي من ذلك، وكذلك فاطمة، وكانا يؤثران مارية، ويريدان أن تتميز عليها بالولد، فلم يقدر لهما ولا لمارية ذلك، وبقيت الأمور على ما هي عليه...
وكان علي لا يشك أن الامر له، وأنه لا ينازعه فيه أحد من الناس، ولهذا قال له عمه: أمدد يدك أبايعك، فيقال: عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله، فلا يختلف عليك اثنان.
قال: يا عم وهل يطمع فيها طامع غيري؟! قال: ستعلم!
قال: فإني لا أحب هذا الامر من وراء رتاج (*)، وأحب أن أصحر به، فسكت عنه (81). فلما ثقل رسول الله في مرضه، أنفذ جيش أسامة، وجعل فيه الرتاج: الباب المقفل.
(81) راجع: المرشحون للبيعة من عبد الله بن سبأ، المدخل ص 31 نجد تفصيل المحاورة هناك مع بيان رأينا فيه. (*)