قد أوردنا قسما كبيرا من محاورة ابن أبي الحديد وشيخه (89) في شرح كلام علي بن أبي طالب، لما كان فيها من إيضاح لغوامض لنا عن حياة أم المؤمنين الزوجية، وعلاقاتها بأسرة النبي الأقربين في عصره، والاحداث التي نشأت عنها بعده، ونقتصر عليه في دارسة بعض نواحي حياتها الزوجية، لما في عرضها مفصلا من خروج بنا عن الدراسة الممهدة لفهم أحاديثها إلى دراسة مفصلة لحياتها وأثرها على المجتمع الاسلامي، مما ينبغي بحثها في دراسات أخرى.
والذي نستخلصه من كل ما مر، أن أم المؤمنين كانت امرأة غيري، تغار على زوجها الرسول، وأن غيرتها هذه كانت تؤثر على حياتها الزوجية، وعلاقاتها بزوجات الرسول وسراياه وسائر أفراد أسرته.
وسنرى - مضافا إلى ما رأينا في ما مر - أنها كانت تغار على مصلحة ذوي قرباها، وحزبهم (90) أيضا بمثل تلك القوة والشدة، وأن هذه الصفة (الغيرة) الشديدة) المصحوبة بحدة الطبع كانت تدفعها إلى أعمال عنيفة، وأقوال حادة مما عقدنا الفصول الآتية لدراسة أكثرها.