كان بين الابنة وبين المرأة كدر وشنآن، وهذا لابد منه، لان الزوجة تنفس عليها ميل الأب، والبنت تكره ميل أبيها إلى امرأة غريبة، كالضرة لامها، بل هي ضرة على الحقيقة وإن كانت الام ميتة، ولأنا لو قدرنا الام حية لكانت العداوة مضطرمة، متسعرة، فإذا كانت قد ماتت، ورثت ابنتها تلك العداوة..
ثم اتفق أن رسول الله مال إليها وأحبها، فازداد ما عند فاطمة بحسب زيادة ميله.
وأكرم رسول الله فاطمة إكراما عظيما أكثر مما كان الناس يظنونه، وأكثر من إكرام الرجال لبناتهم، حتى خرج بها عن حد حب الآباء للأولاد، فقال بمحضر الخاص والعام مرارا لا مرة واحدة، في مقامات مختلفة لا في مقام واحد: إنها سيدة نساء العالمين (72)، وإنها عديلة مريم بنت عمران (73)، وإنها إذا مرت في الموقف، نادى منادى من جهة العرش، يا أهل الموقف! غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد (74). وهذا من الأحاديث الصحيحة، وليس من الأحاديث المستضعفة، وإن إنكاحه عليا إياها ما كان إلا بعدما أنكحه الله تعالى إياها في السماء، بشهادة الملائكة (75)، وكم قال - لا مرة -: " يؤذيني ما يؤذيها، ويغضبني ما يغضبها " (76)، و " إنها بضعة مني. يريبني ما يريبها " (77).
فكان هذا وأمثاله يوجب زيادة الضغن عند الزوجة، حسب زيادة هذا