ولو أني حدثتك بحديث (19) سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله لنهشتني نهش الحية الرقشاء المطرقة والسلام " (20).
فهذا النص برهان آخر على ما في اجتهاد عائشة من خطأ، وما في خروجها من زعزعة لوحدة الجماعة الاسلامية، فضلا عن أنها لم تجد فيما خرجت إليه من يساندها في الخروج من أمهات المؤمنين.
ثم اجتهد " معاوية " في المطالبة بدم عثمان، كما اجتهدت أم المؤمنين من قبل، ولكن اجتهاده لم يكن لأجل مصلحة الجماعة الاسلامية، ولا لأجل المعاني الانسانية، وإنما ليجد من وراء ذلك القصد مطية رخيصة يصل بها إلى منصب الخلافة عنوة فكان اجتهاده باطلا، وذلك أسوأ مراتب الاجتهاد إن صح لنا أن نسمي ذلك النوع اجتهادا.
وأصاب علي حين نبه الجماعة الاسلامية إلى بطلان معاوية في موقفه فأصاب وأصاب كل من انحاز إلى جماعته، على حين أساء معاوية إلى الجماعة الاسلامية، وكذلك أساء كل من سلك مسلكه وورد مورده، فما من محارب قتل في جيش علي رضي الله عنه دفاعا عن مثله ومبادئه إلا وهو شهيد، مجتهدا كان أو مقلدا، وما من محارب قتل في جيش معاوية دفاعا عن مزاعمه إلا وهو عاص، مجتهدا كان أو مقلدا، ذلك لأنه من الفئة الباغية التي قتلت عمار بن ياسر كما نص على ذلك الحديث النبوي (21).
وقد جهل السطحيون من المستشرقين والمحدثين فهم هذه المواقف الخالدة التي أصاب فيها " علي " مواطن الاجتهاد على حين أخطأها غيره،