حياض هذه الجماعة الاسلامية، ولو كان دفاعه لاعتبار شخص أو لهوى في نفسه لما رد أم المؤمنين إلى المدينة معززة مكرمة.
فكان اجتهاد " عائشة " رضي الله عنها ثاني ثلمة حدثت في صرح الاسلام بعد اجتهاد عمر في توجيه الخلافة الاسلامية. وليس الذي نقول بدعا من القول، أو ضربا من التحامل، وإنما هو حقائق مقررة أجمع عليها العدول من المجتهدين وثقات المؤرخين.
وقد أحدث اجتهادها ضجة في نفوس أهل الحق ابتداء من عصر الصحابة إلى يومنا هذا.
وها هي أم سلمة ضرتها، وأختها في الاسلام والعشرة والصحبة لرسول الله صلى الله عليه وآله ترسل إليها كتابا حكيما تطلب إليها فيه العدول عن الخروج وتنهاها عن الفرقة:
" من أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله إلى عائشة أم المؤمنين.
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فقد هتكت سدة بين رسول الله صلى الله عليه وآله وأمته، وحجابا مضروبا على حرمته، قد جمع القرآن ذيولك فلا تسحبيها، وسكر خفارتك فلا تبتذليها، والله من وراء هذه الأمة. لو علم رسول الله صلى الله عليه وآله أن النساء يحتملن الجهاد عهد إليك، أما علمت أنه قد نهاك عن الفرطة في الدين؟ فإن عمود الدين لا يثبت بالنساء إن مال، ولا يرأب بهن إن انصدع. جهاد النساء غض الأطراف وضم الذيول وقصر الموادة، ما كنت قائلة لرسول الله صلى الله عليه وآله لو عارضك ببعض هذه الفلوات ناصبة قلوصك قعودا من منهل إلى منهل؟
وغدا تردين على رسول اله صلى الله عليه وآله. وأقسم لو قيل لي: يا أم سلمة أدخلي الجنة لاستحييت أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وآله هاتكة حجابا ضربه علي، فاجعليه سترك، وقاعة البيت حصنك فإنك أنصح لهذه الأمة ما قعدت عن نصرتهم،