ما أحسب صحابيا إلا وفي اجتهاده نظر إلا " عليا " فقد كان في اجتهاده أمة وحده. أقول ذلك وأشهد به في كل ما عرض أمامه من الاحداث السياسية في الاسلام:
اجتهد عمر في الخلافة فألبس أبا بكر رداءها، واحتج لذلك بأنه أراد درء الفتنة، ثم تحمل مسؤوليتها، من بعده. واعترف هو بهذا الذي صنع في أكثر من موضع (17) وحين عرض بعض الصحابة مبايعة ابنه عبد الله بن عمر من بعده قال:
بحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد ويسأل عن أمر أمة محمد.
أما " علي " فإنه أقام الحجة على الشيخين حين كان منصرفا إلى ما هو أعظم من ذلك وهو تجهيز رسول الله (ص) في بيته فلزمت الحجة أبا بكر وعمر بما اجتهدا فيه دون علي، وصار علي صاحب حق فيما أخذ به دونهما.
واجتهد " عبد الرحمن بن عوف " في انتخاب أحد الرجلين علي وعثمان للخلافة وذلك من بين الستة الذين اختارهم عمر، فقرأ على علي فعثمان نص العهد والميثاق، وبدأ بعلي لعله يعرفها اللماحون فقبل " علي " من العهد والميثاق ما تستطيعه طاقته البشرية بين يدي الله ورسوله وما تطمئن له نفسه. وقبل عثمان نص العهد والميثاق بما تستطيعه نفسه وبما لا تستطيعه حتى لا تفلت الخلافة من يده.
فكان " علي " فيما ارتضاه لنفسه من ميثاق ابن عوف أحرص على الله ورسوله ومصلحة المسلمين من حرصه على منصب الخلافة، وكان " عثمان " أحرص على ذلك المنصب من حرصه على ما سواه. والله أعلم، إن كان على يقين مما ألزم به نفسه من حجة أو كان الامر داخل عليه إدخالا، فإن ذلك من أفعال القلوب التي ينبغي ألا نحكم عليها، ونكتفي منها بالظاهر دون