" أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " (7).
وهكذا أبى محمد، مؤسس قواعد المثالية والعدالة والمساواة على وجه الأرض، أن يعطل حدود الله من أجل هذه المرأة المخزومية مهما بلغت من المكانة في نسبها والعزة في قومها.
وكم أثنى رسول الله على جماعة من أصحابه غلب عليهم الضعف والوهن، وأرهقهم الفقر وقلة ذات اليد، ولكنهم ارتفعوا بإيمانهم حتى جاوزوا عنان السماء بفضل إخلاصهم للدعوة وتفانيهم في حب صاحب الشريعة، وحب آله من بعده، منهم سلمان، وعمار، وأبو ذر، والمقداد.
ولو كان هذا التفاضل يقوم على أساس العلو في النسب، والعزة في القبيلة، والكثرة في المال، والبهرجة في المظاهر، لما قال صلوات الله وسلامه عليه في حق سلمان الفارسي: " سلمان منا أهل البيت " (8). ذلك لان نسب التقوى، وصلة الروح، ودرجة الايمان تقطع ما دونها، وتعلوا على ما سواها من القيم.
وهكذا ألغى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الحواجز الطبقية بين الناس قبل أن يلغيها فلاسفة الاشتراكية بمئات السنين، وهكذا كان ينصر الضعيف التقي على القوي الجائر حين أرسى بين الناس ميزان العدل وجعلهم جميعا سواء