أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٣٩٤
" أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " (7).
وهكذا أبى محمد، مؤسس قواعد المثالية والعدالة والمساواة على وجه الأرض، أن يعطل حدود الله من أجل هذه المرأة المخزومية مهما بلغت من المكانة في نسبها والعزة في قومها.
وكم أثنى رسول الله على جماعة من أصحابه غلب عليهم الضعف والوهن، وأرهقهم الفقر وقلة ذات اليد، ولكنهم ارتفعوا بإيمانهم حتى جاوزوا عنان السماء بفضل إخلاصهم للدعوة وتفانيهم في حب صاحب الشريعة، وحب آله من بعده، منهم سلمان، وعمار، وأبو ذر، والمقداد.
ولو كان هذا التفاضل يقوم على أساس العلو في النسب، والعزة في القبيلة، والكثرة في المال، والبهرجة في المظاهر، لما قال صلوات الله وسلامه عليه في حق سلمان الفارسي: " سلمان منا أهل البيت " (8). ذلك لان نسب التقوى، وصلة الروح، ودرجة الايمان تقطع ما دونها، وتعلوا على ما سواها من القيم.
وهكذا ألغى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الحواجز الطبقية بين الناس قبل أن يلغيها فلاسفة الاشتراكية بمئات السنين، وهكذا كان ينصر الضعيف التقي على القوي الجائر حين أرسى بين الناس ميزان العدل وجعلهم جميعا سواء

(٧) صحيح مسلم ٥ / ١١٤ باب السرقة في الشريف وغيره.
(٨) وجاء في صحيح مسلم أن أبا سفيان - وهو شيخ قريش - أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها. فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم!؟ فأتى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره.
فقال يا أبا بكر: لعلك أغضبتهم! لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك... الحديث تجده في: صحيح مسلم ٧ / 172.
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»