المسلمين تحت نواميس النقد.
فهذه الصفوة لم تكن من نمط واحد من العدالة، كما أنها لم تسلم من الدخيل عليها، ولا من التظاهر بالاسلام المخفي للكفر، على الرغم مما كان يهدف إليه صلوات الله عليه من هداية البشر جميعا، وما يرجوه من الوصول بهم إلى أسمى درجات الهداية وأعلى منازل الصديقين.
وقد أشار الله في محكم آياته إلى ما كان يعتلج في صدر هذا الرسول الأعظم من رغبة صادقة عنيفة في أخذ الناس جميعا إلى طريق الله، وميل في السلوك بهم كل سبيل يحقق لهم معاني الهداية، بلا استثناء فرد واحد من البشر.
وقد أشار الله إلى هذا الخلق العظيم في مواضع كثيرة. فقال في موضع:
(فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر) (3).
وقال في آخر: " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) (4).
وقال في ثالث: (فذكر إن نفعت الذكرى) (5). إلى عشرات الآيات التي تشير إلى اصرار هذا المصلح الأكبر، ورغبته الشديدة في هداية الناس جميعا، واشفاقه عليهم من أن يسلكوا غير سبيل الهداية، وهو في هذا النهج القويم لا يرضى وواحد منهم خارج عن الجماعة.
وقد أثنى الله على رسوله فيما كان يهدف إليه من مثالية في الدعوة إلى الله، فقال عز من قائل: (وإنك لعلى خلق عظيم) وواساه فيما لم يتحقق له من هداية الناس جميعا، وفيما كان يرجوه من انقاذهم من ضلال الكفر، وظلام الجهل بما قدمه له من قصص إخوانه الأنبياء والمرسلين في العصور السوالف.