فالصحابي لا تتفق صحبته في شئ إذا لم يستمسك بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله من شرائع ومبادئ ومثل عليا.
والمعاصرون أمثالنا لا يضرهم في شئ بعد ما بينهم وبين رسول الاسلام من قرون وأزمان سحيقة إذا صح فهمهم لهذه المبادئ وصدقت عزيمتهم في الاستمساك بأهدابها السامية. فكم من قريب وهو بعيد، وكم من بعيد وهو قريب!
أقول: إنما مثلنا ومثل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في الدعوة إلى الحق وفي وجوب تبليغ ما جاء به إلى الأجيال المتلاحقة، هو سواء. نعم! وليس للصحبة من منقبة أعظم من شرف المشاهدة لصاحب الشريعة والاخذ عنه. ولكن ينبغي أن نعلم أن هذه الصحبة لها وجهان متميزان، فهي نعمة عظمي، وحجة دامغة على صاحبها في آن واحد.
وأعني بذلك أنه لو كان لهذه الصحبة موضع شفاعة لصاحبها أو حصانة تنفي عنه التعرض للنقد، أو تصونه من محنة الامتحان والابتلاء والحكم عليه أو الحكم له، لما خاطب صلوات الله وسلامه عليه فاطمة الزهراء وهي بضعة من جسده الشريف وسيدة نساء العالمين بلا مدافع بقوله:
" يا فاطمة بنت رسول الله سليني بما شئت، لا غني عنك من الله شيئا.. " (11).
قال ذلك حين نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين).
نعم! إن المبادئ المثالية التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله في العدالة والمساواة تضع الناس جميعا في موضع واحد حينما تأخذ في تطبيق الاحكام عليهم.
وبالأمس القريب أخرج الأستاذ المحقق السيد مرتضى العسكري إلى العلماء والباحثين كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة وهو حين يقدم هذا الكتاب